الثالث : اختلفوا في ، فروينا عن أول زمان يصح فيه سماع الصغير - أحد الحفاظ النقاد - أنه سئل : متى يسمع الصبي الحديث ؟ فقال : " إذا فرق بين البقرة والدابة " ، وفي رواية : " بين البقرة والحمار " . موسى بن هارون الحمال
وعن رضي الله عنه أنه سئل : " متى يجوز أحمد بن حنبل ؟ " فقال : " إذا عقل وضبط " ، فذكر له عن [ ص: 130 ] رجل أنه قال : " لا يجوز سماعه حتى يكون له خمس عشرة سنة " ، فأنكر قوله وقال : " بئس القول " . سماع الصبي للحديث
وأخبرني الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله الأسدي ، عن ، عن أبي محمد عبد الله بن محمد الأشيري قال : " قد حدد أهل الصنعة في ذلك أن أقله سن القاضي الحافظ عياض بن موسى السبتي اليحصبي " ، وذكر رواية محمود بن الربيع في صحيحه بعد أن ترجم : " متى يصح سماع الصغير ؟ " بإسناده عن البخاري قال : " محمود بن الربيع " ، وفي رواية أخرى : عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو أنه كان ابن أربع سنين ، ( والله أعلم ) .
قلت : التحديد بخمس هو الذي استقر عليه عمل أهل الحديث المتأخرين ، فيكتبون لابن خمس فصاعدا ( سمع ) ، ولمن لم يبلغ خمسا ( حضر ) ، أو ( أحضر ) .
والذي ينبغي في ذلك أن تعتبر في كل صغير حاله على الخصوص ، فإن وجدناه مرتفعا عن حال من لا يعقل فهما للخطاب وردا للجواب ونحو ذلك صححنا سماعه ، وإن كان دون خمس ، وإن لم يكن كذلك لم نصحح سماعه ، وإن كان ابن خمس ، بل ابن خمسين .
[ ص: 131 ] وقد بلغنا عن قال : " رأيت صبيا ابن أربع سنين قد حمل إلى إبراهيم بن سعيد الجوهري قد قرأ القرآن ، ونظر في الرأي ، غير أنه إذا جاع يبكي " . المأمون
وعن قال : " حفظت القرآن ولي خمس سنين ، وحملت إلى القاضي أبي محمد عبد الله بن محمد الأصبهاني لأسمع منه ولي أربع سنين ، فقال بعض الحاضرين : لا تسمعوا له فيما قرئ ، فإنه صغير ، فقال لي أبي بكر بن المقرئ ابن المقرئ : اقرأ سورة الكافرين ، فقرأتها ، فقال : اقرأ سورة التكوير ، فقرأتها ، فقال لي غيره : اقرأ سورة المرسلات ، فقرأتها ، ولم أغلط فيها . فقال ابن المقرئ : سمعوا له والعهدة علي " .
وأما حديث : فيدل على صحة ذلك من ابن خمس مثل محمود بن الربيع محمود ، ولا يدل على انتفاء الصحة فيمن لم يكن ابن خمس ، ولا على الصحة فيمن كان ابن خمس ولم يميز تمييز محمود رضي الله عنه ، والله أعلم .