الثالثة : أول من صنف الصحيح مولاهم . وتلاه البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي أبو الحسين مسلم بن الحجاج [ ص: 18 ] النيسابوري القشيري من أنفسهم . ومسلم - مع أنه أخذ عن واستفاد منه - يشاركه في أكثر شيوخه . البخاري
وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز . وأما ما روينا عن رضي الله عنه من أنه قال : " ما أعلم في الأرض كتابا في العلم أكثر صوابا من كتاب الشافعي مالك " ، ومنهم من رواه بغير هذا اللفظ ، فإنما قال ذلك قبل وجود كتابي البخاري ومسلم .
ثم إن أصح الكتابين صحيحا ، وأكثرهما فوائد البخاري . كتاب
وأما ما رويناه عن أبي علي الحافظ النيسابوري أستاذ الحاكم أبي [ ص: 19 ] عبد الله الحافظ من أنه قال : " ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب " ، فهذا وقول من فضل من شيوخ مسلم بن الحجاج المغرب كتاب مسلم على كتاب ، إن كان المراد به أن كتاب البخاري مسلم يترجح بأنه لم يمازجه غير الصحيح ، فإنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث الصحيح مسرودا ، غير ممزوج بمثل ما في كتاب في تراجم أبوابه من الأشياء التي لم يسندها على الوصف المشروط في الصحيح ، فهذا لا بأس به . وليس يلزم منه أن كتاب البخاري مسلم أرجح فيما يرجع إلى نفس الصحيح على كتاب . وإن كان المراد به أن كتاب البخاري مسلم أصح صحيحا ، فهذا مردود على من يقوله . والله أعلم .