[ ص: 418 ] كتاب الشفعة
الشفعة . مشتقة من الشفع ، وهو الضم سميت بها لما فيها من ضم المشتراة إلى عقار الشفيع .
قال : ( الشفعة واجبة للخليط في نفس المبيع ، ثم للخليط في حق المبيع ، كالشرب والطريق ثم للجار ) أفاد هذا اللفظ لكل واحد من هؤلاء وأفاد الترتيب . ثبوت حق الشفعة
أما الثبوت فلقوله عليه الصلاة والسلام { }ولقوله عليه الصلاة والسلام { : الشفعة لشريك لم يقاسم } [ ص: 419 - 421 ] ولقوله عليه الصلاة والسلام { : جار الدار أحق بالدار والأرض ينتظر له وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا }ويروى { : الجار أحق بسقبه قيل : يا رسول الله ما سقبه ؟ قال : شفعته } [ ص: 422 ] وقال الجار أحق بشفعته رحمه الله : لا شفعة بالجوار لقوله عليه الصلاة والسلام { الشافعي }; ولأن حق الشفعة معدول به عن سنن القياس ، لما فيه من تملك المال على الغير من غير رضاه وقد [ ص: 423 ] ورد الشرع به فيما لم يقسم وهذا ليس في معناه ; لأن مؤنة القسمة تلزمه في الأصل دون الفرع . ولنا ما روينا ; ولأن ملكه متصل بملك الدخيل اتصال تأبيد وقرار فيثبت له حق الشفعة عند وجود المعاوضة بالمال اعتبارا بمورد الشرع ، وهذا ; لأن الاتصال على هذه الصفة ، إنما انتصب سببا فيه لدفع ضرر الجوار ، إذ هو مادة المضار على ما عرف ، وقطع هذه المادة بتملك الأصل أولى ; لأن الضرر في حقه بإزعاجه عن خطة آبائه أقوى ، وضرر القسمة مشروع لا يصلح علة لتحقيق ضرر غيره . : الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة
وأما الترتيب فلقوله عليه الصلاة والسلام { : الشريك أحق من الخليط والخليط أحق من الشفيع }فالشريك في نفس المبيع ، والخليط في حقوق المبيع ، والشفيع هو الجار ; ولأن الاتصال بالشركة في المبيع أقوى ; لأنه في كل جزء ; وبعده الاتصال في الحقوق ; لأنه شركة في مرافق الملك ، والترجيح يتحقق بقوة السبب ; ولأن ضرر القسمة إن لم يصلح علة صلح مرجحا . [ ص: 424 ]
قال : ( وليس للشريك في الطريق والشرب والجار شفعة مع الخليط في الرقة ) لما ذكرنا أنه مقدم .
قال : ( فإن سلم فالشفعة للشريك في الطريق فإن سلم أخذها الجار ) لما بينا من الترتيب ، والمراد بهذا الجار الملاصق وهو الذي على ظهر الدار المشفوعة وبابه في سكة أخرى .
وعن : أن مع وجود الشريك في الرقبة لا شفعة لغيره سلم أو استوفى ; لأنهم محجوبون به ، ووجه الظاهر : أن السبب قد تقرر في حق الكل ، إلا أن للشريك حق التقدم فإذا سلم كان لمن يليه بمنزلة دين الصحة مع دين المرض ، والشريك في المبيع قد يكون في بعض منها كما في منزل معين من الدار أو جدار معين منها ، وهو مقدم على الجار في المنزل وكذا على الجار في بقية الدار في أصح الروايتين عن أبي يوسف رحمه الله ; لأن اتصاله أقوى والبقعة واحدة ، ثم لا بد أن يكون الطريق أو الشرب خاصا حتى تستحق الشفعة بالشركة فيه . فالطريق الخاص ، أن لا يكون نافذا والشرب الخاص أن يكون نهرا لا تجري فيه السفن ، وما تجري فيه فهو عام ، وهذا عند أبي يوسف أبي حنيفة رحمهما الله. ومحمد
وعن رحمه الله : أن الخاص أن يكون نهرا يسقى منه قراحان أو ثلاثة ، وما زاد على ذلك فهو عام ، فإن كانت سكة غير نافذة يتشعب منها سكة غير نافذة وهي مستطيلة فبيعت [ ص: 425 ] دار في السفلى فلأهلها الشفعة خاصة دون أهل العليا ، وإن بيعت للعليا فلأهل السكتين ، والمعنى ما ذكرنا في كتاب أدب القاضي ، ولو كان نهر صغير يأخذ منه نهر أصغر منه فهو على قياس الطريق فيما بيناه . أبي يوسف
قال : ( ولا يكون الرجل بالجذوع على الحائط شفيع شركة ولكنه شفيع جوار ) ; لأن العلة هي الشركة في العقار وبوضع الجذوع لا يصير شريكا في الدار إلا أنه جار ملازق .
قال : ( والشريك في الخشبة تكون على حائط الدار جار ) لما بينا .
[ ص: 413 - 418 ]