الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قيل : ولم يفتهما إلا القليل وأنكر هذا . والصواب أنه لم يفت الأصول الخمسة إلا اليسير ، أعني الصحيحين ، وسنن أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .
( nindex.php?page=treesubj&link=29221_29091ولم يستوعبا الصحيح ) في كتابيهما ( ولا التزماه ) أي استيعابه .
فقد قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح ، وتركت من الصحاح خشية أن يطول الكتاب ، وقال مسلم : ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا ، إنما وضعت ما أجمعوا عليه ، يريد ما وجد عنده فيها شرائط الصحيح المجمع عليه ، وإن لم يظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح .
ورجح
[ المصنف في شرح مسلم ] ، أن المراد ما لم تختلف الثقات فيه في نفس الحديث متنا وإسنادا ، لا ما لم يختلف في توثيق رواته ، قال : ودليل ذلك أنه سئل عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10347688فإذا قرأ فأنصتوا " هل هو صحيح ؟ فقال : عندي هو صحيح ، فقيل لم لم تضعه هنا ؟ فأجاب بذلك .
[ ص: 105 ] قال : ومع هذا فقد اشتمل كتابه على أحاديث اختلفوا في متنها أو إسنادها ، وفي ذلك ذهول منه عن هذا الشرط ، أو سبب آخر .
وقال البلقيني : قيل : أراد مسلم إجماع أربعة : nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، nindex.php?page=showalam&ids=17336وابن معين nindex.php?page=showalam&ids=16544وعثمان بن أبي شيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16000وسعيد بن منصور الخراساني .
قال المصنف في شرح مسلم : وقد ألزمهما nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وغيره إخراج أحاديث على شرطهما لم يخرجاها ، وليس بلازم لهما ، لعدم التزامهما ذلك ، قال : وكذلك قال البيهقي : قد اتفقا على أحاديث من صحيفة همام وانفرد كل واحد منهما بأحاديث منها ، مع أن الإسناد واحد .
قال المصنف : لكن إذا كان الحديث الذي تركاه أو أحدهما مع صحة إسناده في الظاهر أصلا في بابه ، ولم يخرجا له نظيرا ولا ما يقوم مقامه ، فالظاهر أنهما اطلعا فيه على علة ، ويحتمل أنهما نسياه أو تركاه خشية الإطالة أو رأيا أن غيره يسد مسده .
( قيل ) أي قال الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=12573أبو عبد الله بن الأخرم ( ولم يفتهما إلا القليل وأنكر هذا ) القول nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيما نقله الحازمي والإسماعيلي : وما تركت من الصحاح أكثر .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : nindex.php?page=treesubj&link=29221_29225والمستدرك للحاكم كتاب كبير يشتمل مما فاتهما على شيء كثير ، وإن يكن عليه في بعضه مقال فإنه يصفو له منه صحيح كثير .
[ ص: 106 ] قال المصنف زيادة عليه : ( والصواب أنه لم يفت الأصول الخمسة إلا اليسير ؛ أعني الصحيحين وسنن أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ) .
قال العراقي : في هذا الكلام نظر . لقول nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح ، قال : ولعل nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أراد بالأحاديث المكررة الأسانيد والموقوفات ، فربما عد الحديث الواحد المروي بإسنادين حديثين .
زاد ابن جماعة في المنهل الروي : أو أراد المبالغة في الكثرة ، قال : والأول أولى ، قيل : ويؤيد أن هذا هو المراد ، أن الأحاديث الصحاح التي بين أظهرنا - بل وغير الصحاح - لو تتبعت من المسانيد والجوامع والسنن والأجزاء وغيرها لما بلغت مائة ألف بلا تكرار ، بل ولا خمسين ألفا ، ويبعد كل البعد أن يكون رجل واحد حفظ ما فات الأمة جميعه ، فإنه إنما حفظه من أصول مشايخه وهي موجودة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : nindex.php?page=treesubj&link=29611حصر الأحاديث يبعد إمكانه ، غير أن جماعة بالغوا في تتبعها وحصروها .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : صح سبعمائة ألف وكسر ، وقال : جمعت من المسند أحاديث انتخبتها من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفا .
[ ص: 107 ] قال شيخ الإسلام : ولقد كان استيعاب الأحاديث سهلا لو أراد الله تعالى ذلك ، بأن يجمع الأول منهم ما وصل إليه ، ثم يذكر من بعده ما اطلع عليه مما فاته من حديث مستقل أو زيادة في الأحاديث التي ذكرها ، فيكون كالذيل عليه ، وكذا من بعده فلا يمضي كثير من الزمان إلا وقد استوعبت وصارت كالمصنف الواحد ، ولعمري لقد كان هذا في غاية الحسن .
قلت : قد صنع المتأخرون ما يقرب من ذلك ، فجمع بعض المحدثين عمن كان في عصر شيخ الإسلام زوائد سنن nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه على الأصول الخمسة ، وجمع الحافظ أبو الحسن الهيثمي زوائد مسند أحمد على الكتب الستة المذكورة في مجلدين ، وزوائد مسند البزار في مجلد ضخم ، وزوائد معجم nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني الكبير في ثلاثة ، وزوائد المعجمين الأوسط والصغير في مجلدين ، وزوائد أبي يعلى في مجلد ، ثم جمع هذه الزوائد كلها في كتاب محذوف الأسانيد ، وتكلم على الأحاديث ، ويوجد فيها صحيح كثير ، وجمع زوائد الحلية لأبي نعيم في مجلد ضخم ، وزوائد فوائد تمام وغير ذلك .
وجمع شيخ الإسلام زوائد مسانيد إسحاق ، وابن أبي عمر ، ومسدد ، nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ، والحميدي ، nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ، nindex.php?page=showalam&ids=12289وأحمد بن منيع ، والطيالسي في مجلدين ، وزوائد مسند الفردوس في مجلد ، وجمع صاحبنا الشيخ زين الدين قاسم الحنفي زوائد سنن nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في مجلد .
[ وجمعت زوائد شعب الإيمان للبيهقي في مجلد ] ، وكتب الحديث الموجودة سواها كثيرة جدا ، وفيها الزوائد بكثرة فبلوغها العدد السابق لا يبعد ، والله أعلم .
[ ص: 108 ] [ تنبيهات ]
أحدها : ذكر الحاكم في المدخل : أن nindex.php?page=treesubj&link=29094الصحيح عشرة أقسام ، وسيأتي نقلها عنه ، وذكر منها في القسم الأول الذي هو الدرجة الأولى : واختيار الشيخين أن يرويه الصحابي المشهور بالرواية ، وله راويان ثقتان ، إلى آخر كلامه الآتي عنه ، ثم قال : والأحاديث المروية بهذه الشريطة لا يبلغ عددها عشرة آلاف حديث ، انتهى .
وحينئذ يعرف من هذا الجواب عن قول ابن الأخرم ، فكأنه أراد : لم يفتهما من أصح الصحيح الذي هو الدرجة الأولى وبهذا الشرط إلا القليل ، والأمر كذلك .
الثاني : لم يدخل المصنف سنن nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه في الأصول ، وقد اشتهر في عصر المصنف وبعده جعل الأصول ستة بإدخاله فيها ، قيل : وأول من ضمه إليها ابن طاهر المقدسي ، فتابعه أصحاب الأطراف والرجال والناس ، وقال المزي : كل ما انفرد به عن الخمسة فهو ضعيف ، قال الحسيني : يعني من الأحاديث ، وتعقبه شيخ الإسلام : بأنه انفرد بأحاديث كثيرة وهي صحيحة ، قال : فالأولى حمله على الرجال .
[ ص: 109 ] الثالث : سنن nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي الذي هو أحد الكتب الستة أو الخمسة ، هي الصغرى دون الكبرى ، صرح بذلك التاج بن السبكي قال : وهي التي يخرجون عليها الأطراف والرجال ، وإن كان شيخه المزي ضم إليها الكبرى ، وصرح ابن الملقن بأنها الكبرى ، وفيه نظر .
ورأيت بخط الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=14371أبي الفضل العراقي ، أن nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي لما صنف الكبرى أهداها لأمير الرملة فقال له : كل ما فيها صحيح ، فقال : لا ، فقال : ميز لي الصحيح من غيره ، فصنف له الصغرى .