[ ص: 314 ] النوع العشرون :
المدرج هو أقسام ، أحدها : مدرج في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يذكر الراوي عقيبه كلاما لنفسه أو لغيره فيرويه من بعده متصلا فيتوهم أنه من الحديث .
( النوع العشرون : أحدها : مدرج في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يذكر الراوي عقيبه كلاما لنفسه أو لغيره فيرويه من بعده متصلا ) بالحديث من غير فصل ( فيتوهم أنه من ) تتمة [ ص: 315 ] ( الحديث ) المرفوع ، ويدرك ذلك بوروده منفصلا في رواية أخرى ، أو بالتنصيص على ذلك من الراوي ، أو بعض الأئمة المطلعين ، أو باستحالة كونه - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك . المدرج ، هو أقسام
مثال ذلك ما رواه أبو داود ، ثنا عبيد الله بن محمد النفيلي ثنا زهير ، ثنا ، عن الحسن بن الحر : قال أخذ القاسم بن مخيمرة علقمة بيدي فحدثني أن أخذ بيده ، عبد الله بن مسعود ، فعلمنا التشهد في الصلاة ، الحديث ، وفيه : " إذا قلت هذا - أو قضيت هذا - فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم ، وإن شئت أن تقعد فاقعد عبد الله بن مسعود " . وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيد
فقوله : إذا قلت إلى آخره ، وصله بالحديث المرفوع في رواية زهير بن معاوية أبي داود هذه ، وفيما رواه عنه أكثر الرواة .
قال الحاكم : وذلك مدرج في الحديث من كلام ، وكذا قال ابن مسعود البيهقي والخطيب .
وقال المصنف في الخلاصة : اتفق الحفاظ على أنها مدرجة ، وقد رواه ، عن شبابة بن سوار زهير ، ففصله ، فقال : قال عبد الله : فإذا قلت ذلك إلى آخره ; رواه ، وقال الدارقطني شبابة ثقة ، وقد فصل آخر الحديث ، وجعله من قول ، وهو أصح من رواية من أدرج ، وقوله أشبه بالصواب ; لأن ابن مسعود رواه [ ص: 316 ] عن ابن ثوبان الحسن ، كذلك مع اتفاق كل من روى التشهد ، عن علقمة ، وعن غيره ، عن ، على ذلك . ابن مسعود
وكذا ما أخرجه الشيخان من طريق ، ابن أبي عروبة ، عن وجرير بن حازم قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن ، عن بشير بن نهيك : أبي هريرة من أعتق شقصا ، وذكر فيه الاستسعاء .
قال فيما انتقده على الشيخين : قد رواه الدارقطني شعبة ، وهشام ، وهما أثبت الناس في قتادة فلم يذكر فيه الاستسعاء ، ووافقهما همام ، وفصل الاستسعاء من الحديث ، وجعله من قول قتادة .
قال : وذلك أولى بالصواب . الدارقطني
وكذا حديث رفعه : ابن مسعود فذكرها . من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار ، ففي رواية أخرى : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كلمة ، وقلت أنا أخرى
فأفاد ذلك أن إحدى الكلمتين من قول ، ثم وردت رواية ثالثة أفادت أن الكلمة التي هي من قوله هي الثانية ، وأكد ذلك رواية رابعة اقتصر فيها على الكلمة الأولى مضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم . ابن مسعود
وفي الصحيح ، عن مرفوعا : " أبي هريرة " . للعبد المملوك أجران " ، والذي نفسي بيده [ ص: 317 ] لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت ، وأنا مملوك
فقوله : والذي نفسي بيده . إلخ من كلام ; لأنه يمتنع منه - صلى الله عليه وسلم - أن يتمنى الرق ، ولأن أمه لم تكن إذ ذاك موجودة حتى يبرها . أبي هريرة
تنبيه
هذا القسم يسمى ، ويقابله مدرج المتن ، وكل منهما ثلاثة أنواع ، اقتصر المصنف في الأول على نوع واحد تبعا مدرج الإسناد ، وأهمل نوعين ، وأهمل من الثاني نوعا ، وهو عند لابن الصلاح . ابن الصلاح
فأما مدرج المتن : فتارة يكون في آخر الحديث ، كما ذكره ، وتارة في أوله ، وتارة في وسطه ، كما ذكره الخطيب ، وغيره .
والغالب وقوع الإدراج آخر الخبر ، ووقوعه أوله أكثر من وسطه ; لأن الراوي يقول كلاما يريد أن يستدل عليه بالحديث ، فيأتي به بلا فصل ، فيتوهم أن الكل حديث .
مثاله ما رواه الخطيب من رواية أبي قطن وشبابة ، فرقهما عن شعبة ، عن ، عن محمد بن زياد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي هريرة . أسبغوا الوضوء ، ويل للأعقاب من النار
فقوله : ، مدرج من قول أسبغوا الوضوء ، كما بين في رواية أبي هريرة ، عن البخاري آدم ، عن شعبة ، عن ، عن محمد بن زياد ، قال : أبي هريرة . أسبغوا الوضوء ، فإن أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - قال : ويل للأعقاب من النار
[ ص: 318 ] قال الخطيب : وهم أبو قطن وشبابة في روايتهما له ، عن شعبة على ما سقناه ، وقد رواه الجم الغفير عنه ، كرواية آدم .
ومثال المدرج في الوسط ، والسبب فيه إما استنباط الراوي حكما من الحديث قبل أن يتم فيدرجه ، أو تفسير بعض الألفاظ الغريبة ونحو ذلك .
فمن الأول ما رواه في " السنن " من رواية الدارقطني عبد الحميد بن جعفر ، عن هشام ، عن عروة ، عن أبيه ، عن بسرة بنت صفوان قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : . من مس ذكره ، أو أنثييه ، أو رفغيه فليتوضأ
قال : كذا رواه الدارقطني عبد الحميد ، عن هشام ، ووهم في ذكر الأنثيين والرفغ وإدراجه لذلك في حديث بسرة ، والمحفوظ أن ذلك قول عروة ، وكذا رواه الثقات ، عن هشام منهم أيوب ، ، وغيرهما ، ثم رواه من طريق وحماد بن زيد أيوب بلفظ : ، قال : وكان من مس ذكره ، فليتوضأ عروة يقول : إذا مس رفغيه أو أنثييه أو ذكره فليتوضأ . وكذا قال الخطيب .
فعروة لما فهم من لفظ الخبر أن سبب نقض الوضوء مظنة الشهوة ، جعل حكم ما قرب من الذكر كذلك ، فقال ذلك ، فظن بعض الرواة ، أنه من صلب الخبر ، فنقله مدرجا فيه ، وفهم الآخرون حقيقة الحال ففصلوا .
ومن الثاني حديث عائشة في بدء الوحي : غار حراء - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد ، فقوله : وهو التعبد ، مدرج من قول كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحنث في . الزهري
[ ص: 319 ] وحديث فضالة : . الحديث . أنا زعيم ، والزعيم : الحميل ببيت في ربض الجنة
فقوله : والزعيم : الحميل ، مدرج من تفسير ابن وهب ، وأمثلة ذلك كثيرة .
قال ابن دقيق العيد : والطريق إلى الحكم بالإدراج في الأول والأثناء ضعيف ، لا سيما إن كان مقدما على اللفظ المروي ، أو معطوفا عليه بواو العطف .