9947 وعن عروة قال : كانت عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساكنة مع أخيها عاتكة بنت عبد المطلب ، عباس بن عبد المطلب بدر ففزعت فأرسلت إلى أخيها عباس من ليلتها حين فزعت واستيقظت من نومها فقالت : قد رأيت رؤيا وقد خشيت منها على قومك الهلكة . فرأت رؤيا قبيل
قال : وما رأيت ؟ قالت : لن أحدثك حتى تعاهدني أن لا تذكرها ، فإنهم إن يسمعوها آذونا فأسمعونا ما لا نحب ، فعاهدها عباس ، فقالت : رأيت راكبا أقبل على راحلته من أعلى مكة يصيح بأعلى صوته : يا آل غدر ، ويا آل فجر ، اخرجوا من ليلتين أو ثلاث .
ثم دخل المسجد على راحلته فصرخ في المسجد ثلاث صرخات ، ومال عليه من الرجال والنساء والصبيان ، وفزع الناس له أشد الفزع ، ثم أراه مثل على ظهر الكعبة على راحلته فصرخ ثلاث صرخات : يا آل غدر ، ويا آل فجر ، اخرجوا في ليلتين أو ثلاث حتى أسمع بين الأخشبين من أهل مكة ، ثم عمد لصخرة عظيمة فنزعها من أصلها ثم أرسلها على أهل مكة ، فأقبلت الصخرة لها دوي حتى إذا كانت على [ ص: 71 ] أصل الجبل ارفضت فلا أعلم بمكة بيتا ولا دارا إلا قد دخلها فرقة من تلك الصخرة ، فلقد خشيت على قومك أن ينزل بهم شر .
ففزع منها عباس وخرج من عندها فلقي من ليلته الوليد بن عتبة بن ربيعة ، وكان خليلا للعباس فقص عليه رؤيا عاتكة ، وأمره أن لا يذكرها لأحد ، فذكرها الوليد لأبيه ، وذكرها عتبة لأخيه شيبة ، وارتفع حديثها حتى بلغ أبا جهل بن هشام واستفاضت .
فلما أصبحوا غدا العباس يطوف بالبيت حتى أصبح فوجد أبا جهل ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأمية بن خلف ، وزمعة بن الأسود ، وأبا البختري في نفر يتحدثون فلما نظروا إلى عباس يطوف بالبيت ناداه أبو جهل بن هشام : يا أبا الفضل ، إذا قضيت طوافك فائتنا .
فلما قضى طوافه أتى فجلس ، فقال أبو جهل : يا أبا الفضل ، ما رؤيا رأتها عاتكة ؟ قال : ما رأت من شيء قال : بلى ، أما رضيتم يا بني هاشم بكذب الرجال حتى جئتمونا بكذب النساء ، إنا كنا وأنتم كفرسي رهان ، فاستبقنا المجد منذ حين فلما حاذت الركب ، قلتم منا نبي ، فما بقي إلا أن تقولوا : منا نبية ، ولا أعلم أهل بيت أكذب رجلا ولا أكذب امرأة منكم ، فآذوه يومئذ أشد الأذى .
وقال أبو جهل : زعمت عاتكة أن الراكب قال : اخرجوا في ليلتين أو ثلاث ، فلو قد مضت هذه الثلاث تبين لقريش كذبكم ، وكتبنا سجلا ثم علقناه بالكعبة إنكم أكذب بيت في العرب رجلا وامرأة ، أما رضيتم يا بني قصي أنكم ذهبتم بالحجابة والندوة والسقاية واللواء حتى جئتمونا زعمتم بنبي منكم ، فآذوه يومئذ أشد الأذى .
وقال له العباس : مهلا يا مصفر استه ، هل أنت منته ، فإن الكذب فيك وفي أهل بيتك ، فقال له من حضره : يا أبا الفضل ، ما كنت بجاهل ولا خرف ، ونال عباس من عاتكة أذى شديدا فيما أفشى من حديثها ، فلما كان مساء ليلة الثالثة من الليالي التي رأت فيها عاتكة الرؤيا ، جاءهم الركب الذي بعث أبو سفيان ضمضم بن عمرو الغفاري ، فقال : يا آل غدر ، انفروا فقد خرج محمد وأصحابه ليعرضوا لأبي سفيان ، فأحرزوا عيركم ، ففزعت قريش أشد الفزع ، وأشفقوا من قبل رؤيا عاتكة ، ونفروا على كل صعب وذلول . رواه مرسلا ، وفيه الطبراني ، وفيه ضعف وحديثه حسن . ابن لهيعة