25 - 11 - ( باب الهجرة إلى المدينة )
9902 عن عروة قال : قريش أجمعوا أمرهم ومكرهم حين ظنوا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خارج ، وعلموا أن الله قد جعل له بالمدينة مأوى ومنعة ، وبلغهم إسلام الأنصار ومن خرج إليهم من المهاجرين ، فأجمعوا أمرهم على أن يأخذوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإما أن يقتلوه ، وإما أن يسجنوه ، أو يسحبوه - شك - وإما أن يخرجوه ، وإما أن يوثقوه ، فأخبره الله عز وجل بمكرهم فقال تعالى : ( عمرو بن خالد وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) وبلغه ذلك اليوم الذي أتى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دار أبي بكر أنهم مبيتوه إذا أمسى على فراشه ، وخرج من تحت الليل هو وأبو بكر قبل الغار بثور ، وهو الغار الذي ذكره الله عز وجل في القرآن ، فرقد على فراشه يواري عنه العيون ، وبات المشركون من علي بن أبي طالب قريش يختلفون ويأتمرون أن نجثم على صاحب الفراش فيوثقه ؟ فكان ذلك حديثهم حتى أصبحوا ، فإذا وعمد علي يقوم عن الفراش فسألوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرهم أنه لا علم له به ، فعلموا عند ذلك أنه خرج ، فركبوا في كل وجه يطلبونه ، وبعثوا إلى أهل المياه يأمرونهم [ ص: 52 ] ويجعلون لهم الجعل العظيم ، وأتوا على ثور الذي فيه الغار الذي فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر حتى طلعوا فوقه ، وسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - أصواتهم فأشفق أبو بكر عند ذلك وأقبل على الهم والخوف ، فعند ذلك قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تحزن إن الله معنا " . ودعا فنزلت عليه سكينة من الله عز وجل : فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم وكانت لأبي بكر منحة تروح عليه وعلى أهله بمكة ، فأرسل أبو بكر عامر بن فهيرة مولى أبي بكر أمينا مؤتمنا حسن الإسلام فاستأجر رجلا من بني عبد بن عدي يقال له : ابن الأريقط كان حليفا لقريش في بني سهم من بني العاص بن وائل ، وذلك يومئذ العدوي مشرك ، وهو هاد بالطريق فخبأ بأظهرنا تلك الليالي ، وكان يأتيهما حين يمسي بكل خبر يكون في عبد الله بن أبي بكر مكة ، ويريح عليهما عامر بن فهيرة الغنم في كل ليلة فيحلبان ويذبحان ثم يسرح بكرة ، فيصبح في رعيان الناس ، ولا يفطن له ، حتى إذا هدأت عنهم الأصوات وأتاهما أن قد سكت عنهما جاءا صاحبهما ببعيريهما ، وقد مكثا في الغار يومين وليلتين ثم انطلقا وانطلقا معهما بعامر بن فهيرة يحديهما ويخدمهما ويعينهما يردفه أبو بكر ، ويعقبه على راحلته ليس معه أحد من الناس غير عامر بن فهيرة ، وغير أخي بني عدي يهديهم الطريق . رواه ومكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الحج بقية ذي الحجة والمحرم وصفر ، ثم إن مشركي مرسلا ، وفيه الطبراني ، وفيه كلام ، وحديثه حسن . ابن لهيعة