[ ] : فأما شروط أولهما الذي تنكيره شمل التام والقاصر ، فهي أن يكون الراوي ( يقظا ) بضم القاف وكسرها ( و ) ذلك بأن ( لم يكن مغفلا ) لا يميز الصواب من الخطأ ; كالنائم والساهي ; إذ المتصف بها لا يحصل الركون إليه ، ولا تميل النفس إلى الاعتماد عليه ، وأن يكون ( يحفظ ) أي : يثبت ما سمعه في [ ص: 4 ] حفظه بحيث يبعد زواله عن القوة الحافظة ، ويتمكن من استحضاره متى شاء . شروط الضبط
( إن حدث حفظا ) أي : من حفظه ( ويحوي كتابه ) أي : يحتوي عليه [ بنفسه أو بثقة ] ، ويصونه عن تطرق التزوير والتغيير إليه ، من حين سمع فيه إلى أن يؤدي ( إن كان منه يروي ) ، وأن يكون ( يعلم ما في اللفظ من إحاله ) ، بحيث يؤمن من تغيير ما يرويه ( إن يرو بالمعنى ) ولم يؤد الحديث كما سمعه بحروفه ، على ما سيأتي بيانه في بابه إن شاء الله .
وهذه الشروط موجودة في كلام في الرسالة صريحا إلا الأول ، فيؤخذ من قوله : " أن يكون عاقلا لما يحدث به " لقول الشافعي : " هو أن يعقل من صناعة الحديث ما لا يرفع موقوفا ، ولا يصل مرسلا ، أو يصحف اسما ، فهذا كناية عن اليقظة " . ابن حبان
وقد ضبط ابن الأثير الضبط في مقدمة جامعه [ بما لم يتقيدوا به ] فقال : " هو عبارة عن احتياط في باب العلم ، وله طرفان : العلم عند السماع ، والحفظ بعد العلم عند التكلم ، حتى إذا سمع ولم يعلم لم يكن معتبرا ، كما لو سمع صياحا لا معنى له ، وإذا لم يفهم اللفظ بمعناه لم يكن ضبطا ، وإذا شك في حفظه بعد العلم والسماع لم يكن ضبطا " .