[ ص: 205 ] [ ] الاشتراط للاتصال ثبوت اللقاء ، علي بن المديني والبخاري ، وجعلاه شرطا في أصل الصحة ، وإن زعم بعضهم أن وممن صرح باشتراط ثبوت اللقاء إنما التزم ذلك في جامعه فقط ، وكذا عزا اللقاء للمحققين البخاري النووي ، بل هو مقتضى كلام ، كما قاله شيخنا ، واقتضاه ما في شرح الرسالة الشافعي . لأبي بكر الصيرفي
( و ) لكن ( ، بل أنكر اشتراطه في مقدمة ( صحيحه ) ، وادعى أنه قول مخترع لم يسبق قائله إليه ، وأن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار قديما وحديثا ما ذهب هو إليه من عدم اشتراطه . مسلم لم يشرط ) في الحكم بالاتصال ( اجتماعا ) بينهما
( لكن ) اشترط ( تعاصرا ) أي : كونهما في عصر واحد فقط ، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا أو تشافها ، يعني تحسينا للظن ، بالثقة ، قال : وفيما قاله نظر . انتهى . ابن الصلاح
ووجهه فيما يظهر ما علم من تجويز أهل ذاك العصر للإرسال ، فلو لم يكن مدلسا وحدث بالعنعنة عن بعض من عاصره - لم يدل ذلك على أنه سمع منه ; لأنه وإن كان غير مدلس فقد يحتمل أن يكون أرسل عنه ; لشيوع الإرسال بينهم .
فاشترطوا أن يثبت أنه لقيه وسمع منه ، لتحمل عنعنته على السماع ; لأنه لو لم يحمل حينئذ على السماع لكان مدلسا ، والفرض السلامة من التدليس ، فبان رجحان اشتراطه .
ويؤيده قول أبي حاتم في ترجمة : إنه روى عن جماعة لم يسمع منهم ، لكنه عاصرهم ، أبي قلابة الجرمي ، وقال مع ذلك : إنه لا يعرف له [ ص: 206 ] تدليس ، ولذا قال شيخنا عقب حكايته في ترجمة كأبي زيد عمرو بن أخطب أبي قلابة من " تهذيبه " : إن هذا مما يقوي من ذهب إلى اشتراط اللقاء غير مكتف بالمعاصرة ، على أن مسلما موافق للجماعة فيما إذا عرف استحالة لقاء التابعي لذلك الصحابي في الحكم على ذلك بالانقطاع .
وحينئذ فاكتفاؤه بالمعاصرة إنما هو فيما يمكن فيه اللقاء ( وقيل ) : إنه ( ، قاله يشترط طول صحابة ) بين المعنعن والذي فوقه . وفيه تضييق . أبو المظفر بن السمعاني
( وبعضهم ) وهو ( شرط معرفة الراوي ) المعنعن ( بالأخذ ) عمن عنعن ( عنه ) ، كما حكاه أبو عمرو الداني عنه . ابن الصلاح
لكن بلفظ : إذا كان معروفا بالرواية عنه ، والأمر فيه قريب ، نعم الذي حكاه الزركشي عن قول الداني في جزء له في علوم الحديث ، مما هو منقول عن أيضا اشتراط إدراك الناقل للمنقول عنه إدراكا بينا ، فإما أن يكون أحدهما وهما ، أو قالهما معا ، فإنه لا مانع من الجمع بينهما ، بل قد يحتمل الكناية بذلك عن اللقاء ، إذ معرفة الراوي بالأخذ عن شيخ بل وإكثاره عنه قد يحصل لمن لم يلقه إلا مرة . أبي الحسن القابسي
( وقيل ) في أصل المسألة قول آخر وهو : ( كل ما أتانا منه ) أي : من سند معنعن وصف راويه بالتدليس أم لا ( منقطع ) لا يحتج به ( حتى يبين الوصل ) بمجيئه من طريق المعنعن نفسه بالتحديث ونحوه .
ولم يسم قائله ، كما وقع ابن الصلاح في كتابه " المحدث [ ص: 207 ] الفاصل " ; حيث نقله عن بعض المتأخرين من الفقهاء ، ووجهه بعضهم بأن " عن " لا إشعار له بشيء من أنواع التحمل ، ويصح وقوعها فيما هو منقطع ، كما إذا قال الواحد منا مثلا : عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو عن للرامهرمزي أنس أو نحوه .
ولذلك قال شعبة : كل فهو خل وبقل . وقال أيضا : فلان عن فلان ليس بحديث ، ولكن هذا القول - كما قال إسناد ليس فيها ثنا وأنا النووي - مردود بإجماع السلف . انتهى .
وفيه من التشديد ما لا يخفى ، ويليه اشتراط طول الصحبة ، ومقابله في الطرف الآخر الاكتفاء بالمعاصرة ، وحينئذ فالمذهب الوسط الاقتصار على اللقاء ، وما خدشه به مسلم من وجود أحاديث اتفق العلماء على صحتها مع أنها ما رويت إلا معنعنة ولم يأت في خبر قط أن بعض رواتها لقي شيخه - فغير لازم ; إذ لا يلزم من نفي ذلك عنده نفيه في نفس الأمر .
وكذا ما ألزم به رد المعنعن دائما ; لاحتمال عدم السماع ليس بوارد ; إذ المسألة مفروضة - كما تقدم - في غير المدلس ، ومتى فرض أنه لم يسمع ما عنعنه كان مدلسا .