وكذا اختلف في ثم ابتداء مرضه ثم مدته . فأما الأول : فقال وقت وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم الخطابي : إنه يوم الاثنين أو يوم السبت . وقال أبو أحمد الحاكم : إنه يوم الأربعاء .
وأما الثاني فالأكثر أنها ثلاثة عشر يوما ، وقيل : بزيادة يوم ، وقيل : بنقصه . والقولان في ( الروضة ) ، وصدر بالثاني ، وقيل : عشرة أيام . وبه جزم في مغازيه ، وأخرجه سليمان التيمي البيهقي بإسناد صحيح .
وأما الثالث فقال : إنه ضحى . وفي الصحيحين من حديث ابن الصلاح أنس : آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . الحديث . وفيه : فألقى السجف ، وتوفي من آخر ذلك اليوم .
وهو دال على أنه تأخر بعد الضحى ، ويجمع بينهما بأن المراد أول النصف الثاني ، فهو آخر وقت الضحى ، وهو من آخر النهار باعتبار أنه من النصف الثاني ، وإلى ذلك أشارت عائشة ، كما رواه من حديثها فقالت : ( ابن عبد البر مات رسول الله صلى الله عليه وسلم - وإنا لله وإنا إليه راجعون - ارتفاع الضحى [ ص: 319 ] وانتصاف النهار ) . ونحوه قول في مغازيه عن موسى بن عقبة : ( توفي يوم الاثنين حيث زاغت الشمس ) . وكذا أخرج ابن شهاب ابن شاهين في ( الناسخ والمنسوخ ) له عن علي مثله .
وأما الرابع فقيل : إنه ساعة وفاته وهي حين زاغت الشمس من يوم الاثنين ، وقال الحاكم في ( الإكليل ) : إنه أصح الأقوال وأثبتها . وقيل : ليلة الثلاثاء . رواه سيف عن هشام ، عن أبيه ، وحكاه الحاكم ، وقيل : عند الزوال من يوم الثلاثاء . رواه البيهقي عن ابن عباس وابن شاهين في الناسخ عن علي ، ولفظه : أنه دفن يوم الثلاثاء حين زاغت الشمس . وصدر به الحاكم كلامهما ، ونحوه قول الأوزاعي كما عند وابن عبد البر البيهقي : توفي يوم الاثنين في ربيع الأول قبل أن ينتصف النهار ودفن يوم الثلاثاء . وقول كما عند ابن جريج أحمد والبيهقي : ( أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم مات في الضحى يوم الاثنين ، ودفن الغد في الضحى ) ، وقيل : ليلة الأربعاء . كما في خبر عند ابن إسحاق والبيهقي من طريقه بسنده عن عائشة قالت : ( ) . ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل ليلة الأربعاء
وكذا رواه أحمد من وجه آخر عن عائشة قالت : ( ) . وعند توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ، ودفن ليلة الأربعاء البيهقي من مرسل أبي جعفر أنه صلى الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين فلبث ذلك اليوم وتلك الليلة ويوم الثلاثاء إلى آخر النهار ، وكذا ذكر ابن سعد عن عكرمة أنه توفي يوم الاثنين فحبس بقية يومه وليلته ومن الغد حتى دفن من الليل ، وحكاه الحاكم ، وهو المشهور الذي نص عليه غير واحد من الأئمة سلفا وخلفا ، منهم سليمان التيمي وجعفر الصادق وابن إسحاق وصححه من المتأخرين وموسى بن عقبة ، ابن كثير .
وقيل : يوم الأربعاء كما أسنده ابن سعد أيضا عن عن أبيه ، عن جده قال : ( عباس بن سهل ، ) . وهكذا هو عند توفي النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين فمكث يوم الاثنين والثلاثاء حتى دفن يوم الأربعاء البيهقي من طريق عن أبيه ، قال : ( معتمر بن سليمان التيمي لما فرغوا من غسله صلى الله عليه وسلم [ ص: 320 ] وتكفينه وضعوه حيث توفي فصلى عليه الناس يوم الاثنين والثلاثاء ودفن يوم الأربعاء .
وقيل : كما رواه البيهقي من مرسل مكحول وفيه : ( ثم توفي فمكث ثلاثة أيام لا يدفن ، يدخل عليه الناس أرسالا أرسالا يصلون عليه تدخل العصبة تصلي وتسلم ، لا يصفون ، ولا يصلي بين يديهم مصل ، حتى فرغ من يريد ذلك ثم دفن . وهو غريب . وقيل : إنه إنما أخر للاشتغال بأمر البيعة ; ليكون لهم إمام يرجعون إلى قوله ; لئلا يؤدي إلى نزاع واختلاف ، لا سيما في محل دفنه ، وهل يكون لحدا أو شقا . ( وقبضا ) أي : مات ، ( عام ثلاث عشر ) بسكون ثانيه أيضا بالتنوين هناك ودونه هنا من الهجرة ، ( التالي ) للنبي صلى الله عليه وسلم بالاستخلاف والوفاة ، ( الرضا ) أي : المرضي عند الله ورسوله وصالح المؤمنين بلا خلاف أيضا في السنة ، قيل : في جمادى الأولى منها . وهو قول أبو بكر الصديق الواقدي ، وبه جزم والفلاس ابن الصلاح والمزي ، وقيل : في جمادى الآخرة . وبه جزم ابن إسحاق وابن زبر وابن قانع وابن حبان وابن عبد البر وابن الجوزي والذهبي في ( العبر ) ، وقيل : في ربيع الأول لليلة خلت منه . رواه البغوي ، من طريق الليث ، والقائلون بالأول اختلفوا في اليوم ، فقيل : يوم الاثنين . وقيل : لليلة الثلاثاء لثمان بقين منه . رواه في الخلفاء له من طريق ابن أبي الدنيا عروة عن عائشة ، بل رويت وفاته في مساء ليلة الثلاثاء في صحيح [ ص: 321 ] ، وأنه دفن قبل أن يصبح من حديث وهيب ، عن البخاري هشام ، عن أبيه ، وقيل : لثلاث بقين منه . والقائلون بالثاني اختلفوا أيضا ، فقال : في ليلة الاثنين لسبع عشرة مضت منه ، وقال ابن حبان : يوم الجمعة لسبع ليال بقين منه . وقال الباقون : لثمان بقين منه . وحكاه ابن إسحاق عن أكثر أهل السير ، لكن منهم من قال : عشية يوم الاثنين أو يوم الثلاثاء أو عشية ليلة الثلاثاء . زاد ابن عبد البر : بين المغرب والعشاء من ليلة الثلاثاء ، وقيل : يوم الاثنين . وقيل : لثلاث بقين منه ، شهيدا ; لقول ابن الجوزي ابن سعد ، عن ابن شهاب أن الزهري ، أبا بكر والحارث بن كلدة أكلا خزيرة ، أهديت لأبي بكر ، فقال الحارث وكان طبيبا : ارفع يدك ، والله إن فيها لسم سنة ، فلم يزالا عليلين حتى ماتا عند انقضاء السنة في يوم واحد ، ودفن مع صاحبه ببيت عائشة .