872 - واعن بالألقاب فربما جعل الواحد اثنين الذي منها عطل 873 - نحو الضعيف أي بجسمه ومن
ضل الطريق باسم فاعل ولن 874 - يجوز ما يكرهه الملقب
وربما كان لبعض سبب 875 - كغندر محمد بن جعفر
وصالح جزرة المشتهر
وقد صنف [ ص: 221 ] في الألقاب جماعة من الأئمة الحفاظ ; كأبي بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي ، وهو في مجلد مفيد كثير النفع ، واختصره ; أبو الفضل بن طاهر وكأبي الفضل الفلكي ، محدث وأبي الوليد بن الفرضي الأندلس ، ، وهو أوسعها ، وسماه ( كشف النقاب ) ، وجمعها مع التلخيص والزيادات شيخنا في مؤلف بديع سماه ( نزهة الألباب ) ، وزدت عليه زوائد كثيرة ضممتها إليه في تصنيف مستقل . وأبي الفرج بن الجوزي
ولقب النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة من أصحابه ، منهم أبو بكر ، بالصديق ، وعمر بالفاروق ، وعثمان بذي النورين ، وعلي بأبي تراب ، بسيف الله ، وخالد بن الوليد بأمين هذه الأمة ، وأبو عبيدة بن الجراح وحمزة بأسد الله ، وجعفر بذي الجناحين ، وسمى قبيلتي الأوس والخزرج الأنصار ، فغلب عليهم وعلى حلفائهم ، وكان سمى الحسن البصري سيد القراء ، محمد بن واسع يدعو وسفيان الثوري ياقوتة العلماء ، المعافى بن عمران يلقب وابن المبارك عروس الزهاد ، وأشرف من اشتهر باللقب الجليل محمد بن يوسف الأصبهاني إبراهيم الخليل وموسى الكليم وعيسى المسيح صلى الله وسلم عليهم .
وهي تارة تكون بألفاظ الأسماء ; كأشهب ، وبالصنائع والحرف ; كالبقال ، وبالصفات ، والكنى ; كالأعمش كأبي بطن ، والأنساب إلى القبائل [ ص: 222 ] والبلدان وغيرها ، وأمثلة ذلك كثيرة ، ( نحو الضعيف ) لقب عبد الله بن محمد بن يحيى أبي محمد الطرسوسي ، ( أي بجسمه ) لا في حديثه ، كما قاله ، ونحوه قول عبد الغني بن سعيد المصري : إنه لقب به ; لكثرة عبادته . يعني كأن العبادة أنهكت بدنه ، لكن قال النسائي : إنه قيل له ذلك ; لإتقانه وضبطه . يعني من باب الأضداد ; كما قيل ابن حبان مع أنه كان فيما قيل أشقر كالبصلة أو أبيض مشربا بحمرة ، وكذا لهم لمسلم بن خالد الزنجي يونس لقبه أحمد بالصدوق ولم يكن صدوقا ، وإنما قيل له ذلك على سبيل التهكم ، كما صرح به عبد الله بن أحمد ، فقال : إن أباه عنى بالصدوق الكذوب مقلوب ، ( و ) نحو ( من ضل الطريق ) ، وهو معاوية بن عبد الكريم لقب ( بـ ) الضال ( اسم فاعل ) من ضل ; لأنه كما صرح به أبو حاتم ضل في طريق مكة ، وكذا قال في معجمه الكبير : وزاد ، فمات مفقودا ، قال : وكذا فقد الطبراني معمر بن راشد وسلم بن أبي الذيال ، فلم ير لهم أثر ، ونحوه قول الحافظ عبد الغني : رجلان نبيلان لزمهما لقبان قبيحان : معاوية الضال ، وإنما ضل في طريق مكة ، وعبد الله الضعيف ، وإنما كان ضعيفا في جسمه ، [ ص: 223 ] ونحو القوي لقب للحسن بن يزيد بن فروخ أبي يونس ، لقب بذلك مع كونه كان ثقة أيضا ; لقوته على العبادة والطواف ، حتى قيل : إنه بكى حتى عمي وصلى حتى حدب ، وطاف حتى أقعد ، كان يطوف في كل يوم سبعين أسبوعا .
ثم إن الألقاب تنقسم إلى ما لا يكرهه الملقب به ; كأبي تراب ، ; فإنه لم يكن له اسم أحب إليه منه ، كما قدمته ، لعلي بن أبي طالب ; لكونه كما قال وكبندار لمحمد بن بشار الفلكي : كان بندار الحديث ، وإلى ما يكرهه ; كأبي الزناد وعلي بن رباح ، فالأول جائز ذكره به في الرواية وغيرها ، سواء عرف بغيره أم لا ، ما لم يرتق إلى الإطراء المنهي عنه ، فليس بجائز ، ( ولن يجوز ) أيضا ( ما يكرهه الملقب ) إلا إذا لم يتوصل لتعريفه إلا به ، كما أوضحناه في أواخر آداب المحدث بما أغنى عن إعادته ، ويتأكد التحريم في التلقيب المبتكر من الملقب ، فعن ومشكدانة مرفوعا - كما عند ابن عمر الحاكم وغيره : ( ما من رجل رمى رجلا بكلمة يشينه بها إلا حبسه الله يوم القيامة في طينة الخبال حتى يخرج منها ) .
( و ) من المهم معرفة أسبابها فـ ( ربما كان لبعض ) منها ( سبب ) ، يعني : ظاهر ، وإلا فكلها لا تخلو عن أسباب . ويستفاد الكثير من ذلك من جزء سمعته للحافظ سماه ( أسباب الأسماء ) كالضعيف والصدوق والقوي والضال مما ذكر هنا ، أبي محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري وأبي الرجال ، مما ذكر في النوع قبله ومطين مما ذكر في متى يصح تحمل الحديث ؟ وأبي الآذان مما [ ص: 224 ] ذكر في أدب المحدث ، والنبيل ومشكدانة لأبي عاصم ; لكونه لما بلغه أن شعبة حلف أن لا يحدث لأمر عرض له ، قال له : حدث وغلامي فلان حر . فقال له الضحاك بن مخلد شعبة : أنت نبيل . وقيل في سبب ذلك غير هذا ، وصاعقة لمحمد بن عبد الرحيم لشدة مذاكرته وحفظه ، وغنجار لعيسى بن موسى أبي أحمد التميمي البخاري ; لحمرة وجنتيه ، وخت ليحيى بن موسى شيخ ; لأنها كلمة كانت تجري على لسانه ، ولوين البخاري لمحمد بن سليمان ; لكونه - كما قال - كان يبيع الدواب ببغداد فيقول : هذا الفرس له لوين ، هذا الفرس له قديد ، ولكن قد نقل عنه قوله : لقبتني أمي لوينا ، وقد رضيت به . و ( الطبري كغندر ) بضم المعجمة ثم نون ساكنة بعدها دال مهملة مفتوحة ثم راء ، ( ) ; لكونه كان يكثر الشغب على محمد بن جعفر حين قدم ابن جريج البصرة ، فقال له : اسكت يا ابن جريج . قال غندر : عبيد الله ابن عائشة العيشي وأهل الحجاز يسمون المشغب غندرا . وقال أبو عمر غلام ثعلب : الغندر الصيخ . وأغرب فزعم في تأليفه الاشتقاق أنه من الغدر ، وأن نونه زائدة وداله تضم وتفتح . أبو جعفر النحاس
على أن البلقيني قال : إن التشغيب في ضمنه ما يشبه الغدر ، فحينئذ لا يكون مخالفا ، ولم ينفرد بالتلقيب بذلك ، بل شاركه فيه سبعة ممن اتفق معه أيضا في الاسم واسم الأب ، واثنان [ ص: 225 ] ممن اتفق معه في الاسم خاصة في اثنين ، اسم كل منهما أحمد ، أوردتهم في تصنيفي المشار إليه ، والماجشون ليعقوب بن أبي سلمة ; لأنه كان أبيض أحمر ( و ) كـ ( ، ثم البخاري ، الملقب ( جزرة ) بجيم ثم زاء منقوطة ثم راء مفتوحات وهاء تأنيث ، ( المشتهر ) بالحفظ والإتقان والضبط والثقة ; لكونه حكى عن نفسه مما رواه صالح ) هو ابن محمد بن عمرو بن حبيب أبي علي البغدادي الحاكم أنه صحف خرزة في حديث أنه كان يرقى بخرزة ، يعني بمعجمة ثم راء ثم زاء منقوطة ، إذ سئل من أين سمعت ؟ فقال : من حديث الجزرة . يعني بجيم ثم زاء منقوطة ثم راء ، وذلك في حداثته ، قال : فبقيت علي . وقيل : في هذه الحكاية عنه وجه آخر ، وأنه قرأ على بعض شيوخ الشام القادمين عليهم حدثكم عبد الله بن بسر ؟ قال : كان حريز بن عثمان لأبي أمامة خرزة يرقي بها المريض فقالها ( جزرة ) . وقيل : إنه كان يقرأ على الذهلي في الزهريات ، فلما بلغ حديث عائشة أنها كانت تسترقي من الخرزة ، فقال : من الجزرة . فلقب به . وغلط الخطيب آخرها ، وبالجملة فهي متفقة على أن السبب تصحيفه خرزة ، نعم ، قيل في السبب ما يخالفه ، وهو أنه لما كان في الكتاب أهدى الصبيان للمؤدب هدايا فكانت هديته هو جزرة ; فلقبه المؤدب بها وبقيت عليه ، والأول أشهر ، واتفق أنه كان يوما يمشي مع رفيق له يلقب الجمل ، فمر جمل عليه جزر ، فقال له رفيقه : ما هذا ؟ قال : أنا عليك . وكان مذكورا كما أشير إليه في [ ص: 226 ] التصحيف بكثرة المزاح ، وفي ترجمته من ذلك ما يستظرف ، وكابن دقيق العيد فإن الملقب بذلك جده وهب ; لكونه خرج يوما من بلده قوص وعليه طيلسان أبيض وثوب أبيض ، فقال شخص بدوي : كأن قماش هذا يشبه دقيق العيد . يعني في البياض ; فلزمه ذلك .
ومن ظريف هذا النوع يموت ، لقب لمحمد بن المزرع بن يموت البغدادي الأخباري كان يقول فيما روينا عنه : بليت بالاسم الذي سماني به أهلي ; فإني إذا عدت مريضا فاستأذنت عليه فقيل : من ذا ؟ أسقط اسمي ، وأقول : ابن المزرع . فكأن محمدا ليس أصليا ، وبه جزم بعضهم ، وإنه هو المسمي نفسه .