سمع ذلك شيخنا من شيخه المصنف ، وثنا به كذلك غير مرة ، وكذا ثنا أن شيخه ناصر الدين بن الفرات حكى في تاريخه عن ولده العز عبد الرحيم ، يعني شيخنا مسند عصره ، ويلتحق بهذا رواية المرء عن ابن ابنته ، وفيه قصة الحبال عن عبد الغني أنه أرسل ابن ابنته أبا الحسن بن بقا إلى بعض الشيوخ بمصر في حديث فحدثه به ، فقرأه عبد الغني عن ابن ابنته عن ذلك الشيخ .
ومن أغرب ما في هذا الباب أن القاضي عز الدين بن جماعة أخبر والده البدر محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة أن ابن أخيه أبا إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة أنشده قال : أنشدني عمي عماد الدين إسماعيل قال : حفظت هذين البيتين من والدي في النوم وهما :
ما لي على السلوان عنك معول فعلام تتعب في هواك العذل يزداد حبك كل يوم جدة
فكأن آخره لقلبي أول
وقد أخبرني بهما أبو الفتح المراغي : ثنا المصنف لفظا إملاء أنشدنا أبو إسحاق المذكور كما تقدم ، ويقرب منه رواية [ ص: 184 ] الشمس بن الجزري ، عن ابنه أبي الخير ، عن أخيه أبي القاسم علي ، عن أبيهما المذكور أولا عن محمود بن خليفة المحدث ، عن الدمياطي الحافظ ، عن شيخه ، فذكر شيئا . يوسف بن خليل الحافظ
ومن ظريفه ما اجتمع فيه رواية الأبوين عن الابن ; كرواية أم رومان عن ابنتها عائشة لحديثين ، ورواية عنها أيضا لحديثين ، أفاد ذلك أبي بكر الصديق في تلقيحه ، ووقعت رواية ابن الجوزي أبي بكر عنها في ( المستخرج ) لابن منده .
( أما أبو بكر ) الذي وقع في رواية المنجنيقي في كتابه ( الأكابر عن الأصاغر ) ، ( عن الحمراء ) بالحاء المهملة ، لقب جاء في عدة روايات فيها مقال ، لكن بالتصغير لقب لأم المؤمنين ( عائشة ) بالصرف للضرورة ، وقيل : إنه تصغير تقريب ; لأن المراد بها البيضاء ، فكأنها غير كاملة البياض ; للحديث المرفوع ، ( في الحبة السوداء ) وإنها شفاء من كل داء ; ( فإنه ) ; أي : أبا بكر هذا ( لـ ) هو ( ابن أبي عتيق ) محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، كما وقع التصريح بكونه ابن أبي عتيق في ( صحيح ) ، بل وفي جل الروايات ، واسمه البخاري عبد الله ، وعائشة هي عمة والده ، ( وغلط الواصف ) لأبي بكر هذا ( بالصديق ) .
وهو شيء انفرد به المنجنيقي عن سائر أصحاب أحد الكبار من شيوخ عبيد الله بن موسى الكوفي ، وإن روي هذا الخبر عنه بواسطة البخاري ، حيث رواه أبي بكر بن أبي شيبة المنجنيقي عن عبيد الله بحيث نشأ عن غلطه إدخاله لذلك في تصنيفه المشار إليه ، بل أدخله الخطيب في تصنيفه في هذا الباب ، لكن مع التنبيه على الغلط فيه ، قال : وأبو عتيق كنية أبيه محمد ، وهو معدود في الصحابة ; لكونه ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأبوه وجده وجد أبيه أبو قحافة صحابة مشهورون . انتهى .
وادعى انفرادهم بذلك فقال : لا نعلم أربعة أدركوا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا هؤلاء الأربعة وذكرهم ، وتبعه غير [ ص: 185 ] واحد ، وكأنه أراد بقيد الذكور ، وإلا موسى بن عقبة فعبد الله بن الزبير صحابي ، وهو أسن وأشهر في الصحابة من محمد ، أمه ، نعم ذكروا أن أسماء ابنة أبي بكر بن أبي قحافة الحب ابن الحب ولد له في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وحينئذ فهم أربعة ; إذ أسامة بن زيد حارثة والد زيد صحابي ، كما جزم به المنذري في أماليه على ( مختصر مسلم ) ، وحديث إسلامه في مستدرك الحاكم ، ونحوه ما في ( صحيح ) من حديث أسلم عن البخاري عمر في مجيء ابنة خفاف ، وقوله : إني لأرى أبا هذه وأخاها . إلى آخره ; فإنه يقتضي أن الأخ المبهم كان صحابيا ، وإذا انضم إلى قول في ترجمة ابن عبد البر خفاف بن إيماء بن رحضة ، أن له ولأبيه وجده صحبة ، صاروا أربعة في نسق ، بل لا يبعد أن يكون للابنة المشار إليها رؤية ; لأنها ابنة صحابي ، وقد وصفت في زمن عمر بأنها ذات أولاد ، وكذا ذكر الذهبي تبعا لغيره في ترجمة حذيم الحنفي والد حنيفة أن له ولابنه وابن ابنه ونافلته صحبة .
ونحوه قول في ابن عبد البر أنه مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - بشعر ، فإن كلا من إياس بن سلمة بن عمرو بن الأكوع سلمة ووالده وجده صحابي باتفاق ، ومنه أن شافعا جد إمامنا ، هو وأبوه الشافعي السائب وجده عبيد ، وجد أبيه عبد يزيد صحابة ، ولكن يقال : الذي اختص به بيت الصديق كونهم مسمين ، فخرج ابن أسامة وابن خفاف ، وكونهم باتفاق ، فخرج حذيم وإياس وعبد يزيد ، ففيهم خلاف ، بل قال [ ص: 186 ] الذهبي : لعل إياسا هذا ولد قديم لسلمة .
وفي الأنبياء عليهم السلام أيضا أربعة في نسق ، وهم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، وقد جمع جزءا فيمن روى هو وأبوه وجده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أبو زكريا بن منده فيمن روى هو وأبوه فقط ، وهذه الفائدة إنما ذكرت هنا استطرادا ، وإلا فالأليق بها الصحابة ، وقد أشرت إليها هناك . والجعابي
ونحو هذا الباب رواية العباس وحمزة عن ابن أخيهما النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فالعم بمنزلة الأب ، هكذا ذكره ابن منده في أمثلة الباب ، وتوقف فيه البلقيني . وأغرب منه قول في كتاب ( الوفاء ) له أن ابن الجوزي أبا طالب روى عن ابن أخيه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : حدثني ابن أخي الأمين . وذكر شيئا ، وكذا روى عن ابن أخيه مصعب الزبيري ، الزبير بن بكار وإسحاق بن حنبل عن ابن أخيه ، أحمد بن محمد بن حنبل ومالك عن ابن أخيه ، في أمثلة كثيرة ، وربما يكون ابن الأخ أكبر ، فلا يكون مما نحن فيه . إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس