808 - ومات آخرا بغير مرية أبو الطفيل مات عام مائة 809 - وقبله السائب بالمدينة
أو سهل او جابر او بمكة 810 - وقيل : الاخر بها ابن عمرا
إن لا أبو الطفيل فيها قبرا 811 - وأنس بن مالك بالبصرة
قضى وابن أبي أوفى بالكوفة 812 - والشام فابن بسر او ذو باهله
خلف وقيل : بدمشق واثله 813 - وأن في حمص ابن بسر قبضا
وأن بالجزيرة العرس قضى 814 - وبفلسطين أبو أبي
ومصر فابن الحارث بن جزي 815 - وقبض الهرماس باليمامة
وقبله رويفع ببرقة 816 - وقيل إفريقية وسلمه
باديا او بطيبة المكرمه
وممن جزم به ، وإنه ( مات عام مائة ) ; أي : من الهجرة . وكذا قال مسلم بن الحجاج ، لكن قال ابن عبد البر خليفة : إنه مات بعد سنة مائة . وعن : سنة اثنتين ومائة . وعن ابن البرقي : سنة سبع . وبه جزم غير واحد . وعن مبارك بن فضالة : سنة عشر . وصححه جرير بن حازم الذهبي في ( الوفيات ) ، وشيخنا في ترجمة عكراش من ( التهذيب ) . وكانت وفاته بمكة كما قاله ابن المديني وغيرهما . وقيل : وابن حبان بالكوفة . والأول أصح .
وحينئذ فيكون الصحيح أنه آخر من مات بمكة أيضا من الصحابة كما جزم به ابن [ ص: 129 ] حبان . بل هو آخر المائة التي أشار إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أواخر عمره كما صح عنه بقوله : ( وأبو زكريا بن منده ) . أخرجه أرأيتكم ليلتكم هذه ، فإن رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد في السمر في الخبر بعد العشاء من الصلاة ، في السمر أيضا من العلم ، وبه تمسك هو وغيره للقول بموت البخاري الخضر .
لكن قال النووي : إن الجمهور على خلافه . وأجابوا عنه أن الخضر كان حينئذ من ساكني البحر ، فلم يدخل في العموم . قالوا : ومعنى الحديث لا يبقى ممن ترونه أو تعرفونه ، فهو عام أريد به الخصوص . وقالوا أيضا : خرج عيسى عليه السلام من ذلك مع كونه حيا ; لأنه في السماء لا في الأرض ، إلى غير ذلك مما له غير هذا المحل . وذكر البيهقي في ( الدلائل ) هذا الحديث فيما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الكوائن بعده ، فكان كما أخبر . وأما ما ذكره ابن قتيبة في ( المعارف ) ، في الاشتقاق من أن وابن دريد عكراش بن ذؤيب ، أحد المعدودين في الصحابة ، شهد الجمل مع عائشة ، فقال : كأنكم به وقد أتي به قتيلا أو به جراحة لا تفارقه حتى يموت ، قال : فضرب ضربة على أنفه عاش بعدها مائة سنة ، أو أثر الضربة به . فهذه الحكاية كما قال شيخنا إن صحت مع انقطاعها حملت على أنه أكمل المائة من عمره ، لا أنه استأنفها من يومئذ ، وإلا لاقتضى ذلك أن يكون عاش إلى دولة الأحنف بني العباس ، وهو محال ; إذ المحدثون قد اتفقوا على أن أبا الطفيل آخر الصحابة موتا . وسبقه [ ص: 130 ] شيخه المصنف لنحوه فقال : وهذا إما باطل أو مؤول . وكذا توقف البلقيني في صحته . نعم ، استدرك هو على القول بآخرية أبي الطفيل نافع بن سليمان العبدي ; فقد روى حديثه في مسنده قال : أخبرني إسحاق ابن راهويه سليمان بن نافع العبدي بحلب قال : المنذر بن ساوى من البحرين حتى أتى مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومعه أناس ، وأنا غليم لا أعقل ، أمسك جمالهم ، فذهبوا بسلاحهم فسلموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ووضع المنذر سلاحه ولبس ثيابا كانت معه ، ومسح لحيته بدهن ، فأتى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأنا مع الجمال أنظر إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كما أنظر إليك ، ولكن لم أعقل ، فقال المنذر : قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( رأيت منك ما لم أر من أصحابك ) ، فقلت : أشيء جبلت عليه أم أحدثته ؟ قال : ( لا ، بل جبلت عليه ) . فلما أسلموا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أسلمت عبد القيس طوعا ، وأسلم الناس كرها ) . قال لي أبي : وفد
قال سليمان : وعاش أبي مائة وعشرين سنة . وأخرجه في معجميه الطبراني ، جميعا عن وابن قانع عن موسى بن هارون إسحاق . وكذا أخرجه ابن بشران في أماليه عن دعلج عن موسى . وقال موسى : ليس عند إسحاق أعلى من هذا . انتهى .
لكن قد ذكر شيخنا سليمان في كتابه في ( الضعفاء ) ، وقال : إنه غير معروف . وذكره عن أبيه ، ولم يذكر فيه جرحا ، قال : وإن صح يكون ابن أبي حاتم نافع قد عاش إلى دولة هشام ، إلا أني أظن أن سليمان وهم في سن أبيه ، فمحال أن يبقى أحد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد سنة عشر ومائة . وقال في موضع آخر : والقصة التي ذكرها للمنذر بن ساوى معروفة للأشج ، واسمه المنذر بن عائذ . قال : وأظن سليمان وهم في ذكر سن أبيه ; لأنه لو كان غلاما سنة الوفود ، وعاش هذا القدر ، لبقي إلى سنة عشرين ومائة ، وهو باطل ، فلعله قال : عاش مائة وعشرا ; لأن أبا الطفيل [ ص: 131 ] آخر من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - موتا ، وأكثر ما قيل في وفاته كما تقدم : إنها سنة عشر ومائة . وقد ثبت في الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في آخر عمره : ( لا ) . وأراد بذلك انخرام قرنه ، فكان كذلك . قلت : ودعوى من ادعى الصحبة أو ادعيت له بعد يبقى بعد مائة من تلك الليلة على وجه الأرض أحد أبي الطفيل ، وهم جبير بن الحارث ، والربيع بن محمود المارديني ، ورتن وسرباتك الهنديان ، ومعمر ، ونسطور أو جعفر بن نسطور الرومي ، ويسر بن عبيد الله ، الذين كان آخرهم رتن ; فإنه فيما قيل : مات سنة اثنتين وثلاثين وستمائة - باطلة . والكلام في شأنهم مبسوط في ( لسان الميزان ) لشيخنا ، وفي غيره من تصانيفه . بل قال ، وقد سئل عن طرق المصافحة إلى المعمر ما نصه : لا يخلو طريق من طرق المعمر عن متوقف فيه حتى المعمر ] نفسه ; فإن من يدعي هذه الرتبة يتوقف على ثبوت العدالة ، وإمكان ثبوت ذلك عناد لا يفيد مع ورود الشرع بنفيه ; فإنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر بانخرام قرنه بعد مائة سنة من يوم مقالته .
فمن ادعى الصحبة بعد ذلك لزم أن يكون مخالفا لظاهر الخبر ، فلا يقبل إلا بطريق ينقطع العذر بها ، ويحتاج معها إلى تأويل الحديث المشار إليه .
ومما استظهر به ابن الجزري لبطلان الدعوى في هؤلاء كون الأئمة ; كأحمد والبخاري والدارمي وعبد ، ممن رحل الأقطار ، وجاب الأمصار ، وحرص على الإسناد العالي ، أعلى ما عندهم الثلاثيات مع قلتها جدا ; إذ خفاء الصحابة على مثلهم بعيد مع توفر الهمم على نقله . وبين أن ظهور المسمى بمعمر المغربي المدعى فيه الصحبة ومصافحة النبي - صلى الله عليه وسلم - له ، وقوله له : ( عمرك الله ) ، كان في حدود [ ص: 132 ] السبعمائة أو بعدها ، ثم قال : وكل هؤلاء كذابون دجالون ، لا يشتغل بحديثهم ولا بأمثالهم .
( و ) أما آخرهم موتا بالنسبة إلى النواحي ، فمات ( قبله ) ; أي : قبل أبي الطفيل ; إما ( ( السائب ) بن يزيد ابن أخت النمر بالمدينة ) النبوية ، ( أو سهل ) ، هو ابن سعد الساعدي ، ( او جابر ) بالنقل ، هو ابن عبد الله الأنصاري ; أي : فيها ، كما قيل به في كل واحد من الثلاثة ، فجزم به في الأول ، وفي الثاني أبو بكر بن أبي داود ابن المديني والواقدي وإبراهيم بن المنذر الحزامي وابن حبان وابن قانع وأبو زكريا بن منده وابن سعد ، وادعى نفي الخلاف فيه فقال : ليس بيننا في ذلك اختلاف ، بل أطلق أبو حازم أنه آخر الصحابة موتا ، وكأنه أخذه من قول سهل نفسه : لو مت لم تسمعوا أحدا يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ولكن الظاهر كما قال المؤلف : إنه أراد أهل المدينة خاصة ; يعني مع احتياجه إلى تأويل أيضا . وفي الثالث أبو نعيم وقتادة فيما رواه أحمد عنه ، وصدر به كلامه . والخلاف في ذلك مترتب عليه في وفياتهم . ابن الصلاح
فأما الأول فقيل : إنها سنة ثمانين أو بعدها باثنتين ، فيما قاله أبو نعيم أو بست أو بثمان . وقال الجعد بن عبد الرحمن والفلاس : سنة إحدى وتسعين . وبه جزم والواقدي . ويتأيد بذكر ابن حبان له : فصل من مات ما بين التسعين إلى المائة . وقيل : سنة أربع وتسعين . وكان مولده إما في الثانية أو الثالثة من الهجرة . وثبت قوله : حج بي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن سبع . البخاري
[ ص: 133 ] وأما الثاني ، فقيل : سنة ثمان وثمانين ، قاله أبو نعيم . وقيل : إحدى وتسعين ، قاله الواقدي والمدائني ويحيى بن بكير وابن نمير . ورجحه وإبراهيم بن المنذر الحزامي ابن زبر . وابن حبان
لكن مقتضى قول أبي حاتم : إنه عاش مائة سنة أو أكثر ، مع ما ثبت من أن مولده قبل الهجرة بخمس سنين ، أن يكون تأخر إلى سنة ست وتسعين أو بعدها . ونحوه قول : إنه عاش مائة سنة . وقيل : ستا وتسعين . الواقدي
وأما الثالث ، فمات قبل الثمانين . قيل : سنة اثنتين ، كما قاله ابن زبر . أو ثلاث ، كما قاله ابن سعد . أو أربع ، كما قاله بعضهم . أو سبع ، كما قاله والهيثم بن عدي محمد بن يحيى بن حبان وأبو نعيم . أو ثمان ، كما قاله خلق ; منهم يحيى بن بكير . أو تسع ، كما قاله والفلاس خليفة في رواية وغيره . كل ذلك بعد السبعين ، وكلهم أبناء صحابة أيضا . والأشبه أن الثاني آخرهم ، على أنه قد اختلف أيضا في كون وفاة الأخيرين بالمدينة .
فأما أولهما ، فقيل فيه : إنه مات بإسكندرية أو مصر . ولكن قال شيخنا : المشهور أن ذلك ولده عباس ، فلعله اشتبه على حاكيه .
[ ص: 134 ] وأما ثانيهما ، فقيل : إنه مات بقباء ( او بمكة ) بالنقل مع الصرف ; للضرورة ، فيما قاله : وإنه آخر من مات بها . ولكن الجمهور على أبو بكر بن أبي داود المدينة .
وكذا قد تأخر عنهم ممن مات بالمدينة إن مشينا على قول محمود بن لبيد الأشهلي البخاري بصحبته ، وإلا فقد عده مسلم وجماعة في التابعين . وابن حبان الذي عقل مجة النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجهه وهو ابن خمس سنين . فأما أولهما ، فمات سنة خمس وتسعين أو التي بعدها . وأما ثانيهما ، فمات سنة تسع وتسعين . ومحمود بن الربيع
( وقيل : الاخر ) بالنقل موتا ( بها ) ; أي : بمكة بعد ما علم من أن الصحيح في جابر أنه لم يمت بمكة ، فضلا عن أن يكون الآخر بها ، ( ابن عمرا ) عبد الله ، فيما قاله قتادة ، في تاريخه ، وأبو الشيخ ابن حيان في ( التلقيح ) . وبه صدر وابن الجوزي كلامه . والخلاف فيه أيضا ينشأ عنه في وقت وفاته ، فقيل : إنها سنة اثنتين وسبعين أو ثلاث ، وجزم به ابن الصلاح أحمد وأبو نعيم والجمهور . أو أربع ، وبه جزم ويحيى بن بكير سعيد بن جبير وخليفة ، وصححه والواقدي ابن زبر ، وقال : إنه أثبت عن سبع وثمانين على الصحيح . واختلف في محل دفنه منها ، فقال ابنه سالم : بفخ ، بالفاء والخاء المعجمة ، وهو فيما قيل وادي الظاهر . وتبعه ابن حبان وابن زبر [ ص: 135 ] وغيرهما .
وقال : مصعب الزبيري بذي طوى ; يعني بمقبرة المهاجرين . وقال غيرهما : بالمحصب . والصحيح أنه بالمقبرة العليا عند ثنية أذاخر ، كما في تاريخ الأزرقي وغيره ، وهو يقرب من القول الثالث . وأما ما يقوله الناس من أنه بالجبل الذي بالمعلاة ، فلا يصح من وجه .
وبالجملة ، فلم يختلفوا في أنه توفي بمكة ، وإنما يكون كل من ابن عمر وجابر على القول المرجوح فيه آخر من مات بمكة .
( إن لا ) ; أي : إن لم يكن ، ( أبو الطفيل ) الماضي أولا ( فيها ) ; أي : في مكة ، قد ( قبرا ) . ولكن الصحيح أنه قبر بها كما قدمته .
( ) الآخر موتا ( وأنس بن مالك بالبصرة ) بتثليث الموحدة ، والكسر أصحها فيما قاله قتادة وأبو هلال والفلاس وابن المديني وابن سعد وغيرهم . وأبو زكريا ابن منده
وكانت وفاته في سنة تسعين أو إحدى أو اثنتين أو ثلاث ، ورجحه النووي والذهبي . والذي قبله ابن الأثير ، وهو قول : أو خمس أو ست عن مائة ونيف . بل قيل : وعشر ، وهو عجيب . وقد قال شيخنا : أكثر ما قيل في سنه إذ قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - الواقدي المدينة : عشر سنين . وأقرب ما قيل في وفاته : سنة ثلاث وتسعين . فعلى هذا غاية ما يكون عمره مائة سنة وثلاث سنين . وقد نص على ذلك في تاريخه ، فقال : مات سنة ثلاث وتسعين ، وهو ابن مائة وثلاث سنين . وقول خليفة بن خياط حميد ، وكذا : مائة إلا سنة . الواقدي
قال النووي : إنه شاذ مردود . وقال : وما أعلم أحدا مات بعده ممن رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا [ ص: 136 ] ابن عبد البر أبا الطفيل . وانتقد كما تقدمت وفاته ، بمحمود بن الربيع كما سيأتي في قول وبعبد الله بن بسر عبد الصمد . وكأن مستند قول ابن عبد البر أنس لمن سأله : أأنت آخر الصحابة ؟ : قد بقي قوم من الأعراب ، فأما من أصحابه فأنا آخرهم .
ولكن قوله بخصوصه قابل للتأويل بحمله على صحبة خاصة ، أو إنه ذكر ما علمه ، كما يجاب به عن ، وقد أشرت إلى ذلك في تعريف الصحابي . ابن عبد البر
( وابن أبي أوفى ) ، وهو عبد الله الأسلمي ، ( قضى ) ; أي : مات خاتمتهم ، ( بالكوفة ) فيما قاله قتادة والحسن والفلاس وابن حبان وابن زبر وابن عبد البر وأبو زكريا بن منده في ( التلقيح ) . وكانت وفاته في سنة ست وثمانين أو سبع أو ثمان . وقيل : بل آخر أهل وابن الجوزي الكوفة ، قاله أبو جحيفة وهب السوائي . والأول أصح ; فإن وفاة علي بن المديني أبي جحيفة سنة ثلاث وثمانين ، وقيل : أربع وسبعين .
نعم ، ، وهو قد مات بها ، قد اختلف في وقت وفاته ، فقيل : سنة ثمان وتسعين ، كما رواه عمرو بن حريث الخطيب في ( المتفق والمفترق ) له عن محمد بن الحسن الزعفراني . فعلى هذا هو آخر من مات بها . ولكن توقف شيخنا في كونها بتقديم التاء الفوقانية على السين ، وقال : فيه نظر ، ولعله بتقديم السين على الموحدة ، لا سيما [ ص: 137 ] وقد حكاه كذلك في تاريخه . وكذا جزم شيخنا في ( الإصابة ) بعدم ثبوته . خليفة بن خياط
وحينئذ فابن أبي أوفى بعده ، وكذا يكون بعده على القول بأن عمرا مات سنة خمس وثمانين كما قاله وغيره ; البخاري ، في ثقاته ، وقال : إنها كابن حبان بمكة . وبكل هذا ظهر أن آخر أهل ابن أبي أوفى الكوفة ، بل هو آخر من شهد بيعة الرضوان وفاة .
( و ) أما الآخر منهم موتا بـ ( الشام ) بفتح الشين ثم ألف ; إما مع همزة ساكنة أو بدونها على لغتين من لغاتها ، بأسرها ، ( فـ ) إما ( ابن بسر ) بضم الموحدة ثم سين مهملة ، واسمه عبد الله المازني ، ( او ذو باهله ) ، وهو ، ( خلف ) ; أي : في ذلك اختلاف . فالقائلون بالأول أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي الأحوص بن حكيم وابن المديني وابن سعد تبعا ، للواقدي وابن حبان وابن قانع وغيرهم . وبالثاني وابن عبد البر الحسن البصري في المروي عنهما ، وبه جزم وابن عيينة أبو عبد الله بن منده . والصحيح الأول ; فقد قال في ( تاريخه الكبير ) : قال البخاري : سمعت علي ; يعني ابن المديني ، يقول : قلت سفيان ، هو ابن عيينة للأحوص : كان أبو أمامة آخر من مات عندكم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : كان بعده قد رأيته . والخلافية مترتبة عليها في وفياتيهما ، فقيل في الأول : إنها سنة ثمان وثمانين . وهو المشهور ، وقيل : ست وتسعين . قاله عبد الله بن بسر ، وبه جزم أبو القاسم عبد الصمد بن سعيد الحمصي القاضي أبو عبد الله بن منده وقال : إنه صلى للقبلتين . وأبو زكريا بن منده
فعلى هذا هو آخر من بقي ممن صلى للقبلتين ، وإنه مات عن مائة سنة . وكذا قال أبو نعيم في ( المعرفة ) ، وساق في ترجمته حديث : وضع النبي - صلى الله عليه وسلم - يده على رأسه وقال : ( يعيش هذا الغلام قرنا ) ، فعاش مائة . وقال أبو زرعة : إنها قبل سنة مائة . وقيل في الثاني : إنها سنة إحدى أو ست وثمانين . والثاني أشبه ، [ ص: 138 ] قاله الفلاس والمدائني وخليفة وأبو عبيد . بل عين قتادة وأبو زكريا بن منده - كما سيأتي الإشارة إليه - لوفاة أولهما والدارقطني حمص . وكذا عبد الصمد قال : وقبره في قرية تنوينة .
( وقيل ) مما سلك فيه طريقة أخرى في تفضيل نواح من الشام ، وهي دمشق وحمص والجزيرة وبيت المقدس : إن آخرهم موتا ( بدمشق واثله ) ، هو ابن الأسقع ، فيما قاله عن سعيد بن بشير قتادة . وكذا ذكره . ولكن في كونه مات أبو زكريا بن منده بدمشق اختلاف ، فالقائل به مع هذين ، وأما دحيم فقال : أبو حاتم الرازي ببيت المقدس . وقال : ابن قانع بحمص . وكذا اختلف أيضا في وقته ، فقيل : سنة ثلاث أو خمس أو ست وثمانين . قيل : وهو ابن مائة وخمس سنين . ( وأن في حمص ) كما قيل ( ابن بسر ) الماضي كما سبق ( قبضا ) آخرهم ، و ( أن بالجزيرة ) التي بين دجلة والفرات كما قيل أيضا ( العرس ) بضم العين المهملة ثم راء ساكنة ثم سين مهملة ، ابن عميرة - بفتح أوله - الكندي ، أحد من نزل الشام ، ( قضى ) أو مضى ; أي : مات آخرهم فيما قاله . لكن قال أبو زكريا بن منده أبو بكر الجعابي : إن آخر الصحابة موتا بالجزيرة وابصة بن معبد ، وكان قد نزلها . ونحوه قول : قبر هلال بن العلاء وابصة عند منارة جامع الرقة ; إذ الرقة على جانب الفرات الشمالي [ ص: 139 ] الشرقي ، وهي قاعدة ديار مضر من الجزيرة ، كما أن حران أيضا من ديار مضر ، فالله أعلم أيهما الآخر .
( و ) إن آخر من مات منهم فيما قيل أيضا ( بفلسطين ) بكسر الفاء وفتح اللام وسكون المهملة ، ناحية كبيرة وراء الأردن من أرض الشام ، فيها عدة مدن ، منها : القدس والرملة وعسقلان وغيرها . والمراد هنا أولها ، ( أبو أبي ) فيما قاله ثم أبو زكريا بن منده الدمياطي في ( أربعينه الكبرى ) ، وهو بضم الهمزة مصغر ، أنصاري مشهور بكنيته ، واسمه عبد الله ، ويقال له : ابن أم حرام ، وهي أمه ، وهي خالة وامرأة أنس بن مالك . وقيل غير ذلك . وفي اسم أبيه اختلاف ، قيل : عبادة بن الصامت عمرو بن قيس بن زيد ، كما قاله ابن سعد وخليفة . وقيل : وابن عبد البر أبي . وقيل : كعب . وكذا اختلف في كون وفاته ببيت المقدس ، فقال به ابن سميع . ويتأيد بقول شداد بن عبد الرحمن : كان يسكن ببيت المقدس . وقيل : بدمشق . ففي مقبرة الباب الصغير منها خارج الحظيرة قبر مكتوب عليه بالخط الكوفي القديم : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا قبر عبد الله ابن أم حرام ، يكنى أبا البراء ، ابن امرأة عبادة بن الصامت ، وبأنه مات بدمشق . جزم الكتاني ، وأرى قبره للأكفاني . فإن صح فيكون آخر من مات بفلسطين ; فقد حكى قيس بن سعد بن عبادة في تاريخه عن بعض ولد أبو الشيخ بن حيان سعد ، أن قيسا توفي بفلسطين في سنة خمس وثمانين في ولاية . ولكن المشهور أنه توفي عبد الملك بن مروان بالمدينة في آخر خلافة معاوية ، قاله الهيثم بن عدي والواقدي وخليفة وغيرهم . بل رأيت في ثقات [ ص: 140 ] مما حكاه شيخنا أيضا أنه هرب من ابن حبان معاوية سنة ثمان وخمسين ، وسكن تفليس ، يعني بفتح المثناة الفوقانية ثم فاء ، وآخره سين مهملة ، أحد بلاد آذربيجان مما يلي الثغر ، ومات بها في ولاية عبد الملك ، فلعل أحدهما تصحف .
( و ) أما الآخر منهم موتا بـ ( مصر فابن الحارث بن جزي ) ; أي : بإبدال الهمزة ياء للضرورة ; فإنه جزء ، وهو الزبيدي بضم الزاء ، مصغر ، نسبة لزبيد ، واسمه عبد الله . وكون موته بمصر وأنه آخرهم قاله ابن عيينة وابن المديني وأبو زكريا بن منده في ( تلقيحه ) . وكذا أطلق وابن الجوزي أنه مات ابن عبد الحكم بمصر . وعن أنه مات الطحاوي بسفط القدور ، وهي التي تعرف اليوم بسفط أبي تراب من الغربية قريبا من سمنود . وقيل : إنه مات باليمامة . حكاه أبو عبد الله بن منده عن ابن يونس ، أنه شهد بدرا . وقال شيخنا : إنه خبط فاحش ، قال : وأظنه عمه محمية بن جزء . وكذا قال المصنف : إنه لا يصح أنه شهد بدرا . فإن صح فهو آخر البدريين موتا . وكذا اختلف في وقت وفاته ، فقيل : سنة خمس أو ست ، وهو المشهور ، أو سبع أو ثمان أو تسع وثمانين .
( وقبض الهرماس ) بكسر الهاء وإسكان الراء المهملة ثم ميم مفتوحة ، وآخره سين مهملة ، ابن زياد الباهلي ، آخرهم ( باليمامة ) فيما قاله . وذكر أبو زكريا بن منده أنه لقيه في سنة اثنتين ومائة . ( و ) قبض ( قبله عكرمة بن عمار رويفع ) بضم الراء وكسر الفاء ، [ ص: 141 ] ابن ثابت الأنصاري المدني ( ببرقة ) بفتح الموحدة الثانية وبالصرف للضرورة ، من بلاد المغرب ، فيما قاله ، قال : وقد رأيت قبره بها ، وكان أميرا عليها . وكذا قال أحمد بن البرقي ابن يونس : إنه كان أميرا عليها ، وإن قبره معروف لمسلمة بن مخلد ببرقة إلى اليوم . وعين وفاته سنة ثلاث وخمسين .
( وقيل ) : إن وفاته كانت بـ ( إفريقية ) بكسر الهمزة وسكون الفاء وكسر الراء ثم ياء ساكنة ، بعدها قاف مكسورة ، ثم ياء تحتانية خفيفة وبالصرف أيضا ، من المغرب أيضا ، فيما قاله . أبو زكريا بن منده
لكن قال : إن الثاني لا يصح . وكذا صحح ابن الصلاح المزي الأول ، ووقع له في حكاية كلام ابن يونس في وفاته سهو ، تبعه عليه شيخنا في ( الإصابة والتهذيب ) ، ومن قبله الذهبي ، والذي في ابن يونس ما قدمته . وفي محل وفاته قول ثالث ، وإنه أنطابلس ، قاله . وقد يشهد له كون الليث بن سعد معاوية ولاه طرابلس المغرب سنة ست وأربعين ، فغزا إفريقية في التي بعدها ، ودخلها ثم انصرف ، وقيل : إنها كانت بالشام .
( و ) قبض ( إما ( باديا ) ; أي : بالبادية ، فهو آخرهم بها ، قاله سلمه ) بن عمرو بن الأكوع الأسلمي ، ( او أبو زكريا بن منده بطيبة ) ; أي : المدينة ، ( المكرمه ) بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فيما قاله ابنه إياس بن سلمة ويحيى بن بكير وأبو عبد الله بن منده ، ورجحه ، وهو الصحيح . وكذا اختلف في وقت وفاته ، فالصحيح أنه سنة أربع وسبعين ، وقيل : سنة أربع وستين . ابن الصلاح
ومما لم يذكره مما هو في جزء ابن الصلاح المشار إليه في ذلك ، أن آخر من مات منهم أبي زكريا بن منده بخراسان . قلت : وكان قد غزا [ ص: 142 ] إليها في زمن بريدة بن الحصيب عثمان ، ثم تحول إلى مرو فسكنها حتى مات في سنة ثلاث وستين . وحينئذ فقد تأخر بعده ; لقول أبو برزة نضلة بن عبيد الأسلمي خليفة : إنه مات بعد سنة أربع وستين . وحقق شيخنا أنه كان حيا في سنة خمس وستين ، وكان بخراسان فمات بها . قال الخطيب : إنه شهد مع علي قتال الخوارج بالنهروان ، وغزا بعد ذلك خراسان فمات بها . وكذا جزم خليفة والواقدي وابن سعد بأنه مات بها . لكن قال أبو علي محمد بن علي بن حمزة المروزي : قيل : إنه مات بنيسابور . وقيل : بالبصرة . وقيل : بمفازة بين سجستان وهراة . حكاه الحاكم في ( تاريخ نيسابور ) . وبالرخج ، وهي بضم الراء ثم خاء معجمة ساكنة ثم جيم ، من أعمال سجستان ، العداء - بوزن العطار - بن خالد بن هوذة العامري . قال شيخنا : وكأنه عمر ; فإن عند أحمد أنه عاش إلى زمن خروج ، وكان ذلك في سنة إحدى أو اثنتين ومائة . وقال : إنه فيما ذكره يزيد بن المهلب ابن سعد وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقطعه مياها كانت لبني عامر يقال لها : الرخيخ ، بخائين معجمتين مصغر ، فكان ينزل بها . ومما ليس في الجزء أيضا أن آخر من مات بأصبهان منهم ; [ ص: 143 ] فقد ذكر وفاته بها النابغة الجعدي أبو الشيخ في ( طبقات الأصبهانيين ) ، وأبو نعيم في ( تاريخ أصبهان ) بعد أن عمر طويلا . وكان معاوية سيره إليها . وبالطائف ، وقد زرته . ومما لم يذكره المؤلف أيضا : آخر من مات عبد الله بن عباس بسمرقند شهيدا ، وهذا على الصحيح . وقيل : بل قثم بن العباس بمرو . وبواسط لبي بلام وموحدة مصغر ، ابن لبى بموحدة خفيفة وزن عصى على المعتمد فيهما كما سيأتي ، وكان يكون بها ، قاله أبو بكر الجعابي في ( تاريخ الطالبيين ) .
وقد جمع الصغاني اللغوي جزءا فيمن عرف أمكنة وفاته من الصحابة ، سماه ( در السحابة ) ، وهو عندي بخطه . واختصره خطيب داريا ، وفيهما فوائد مع احتياجهما إلى تنقيب .
ومما يشبه ما تقدم أن آخر من مات من البدريين بقيد الأنصار ، فيما قاله أبو أسيد مالك بن ربيعة الساعدي المدايني . أو وأبو زكريا بن منده ، فيما قاله أبو اليسر كعب بن عمرو ثم ابن إسحاق . وآخرهم بقيد المهاجرين ابن الجوزي ، وهو أيضا آخر العشرة موتا . وآخر من شهد بيعة الرضوان موتا على ما تقدم سعد بن أبي وقاص . وآخر من صلى للقبلتين موتا على ما تقدم أيضا عبد الله بن أبي أوفى . وآخر من شهد عبد الله بن بسر العقبة موتا فيما قاله ابن الجوزي جابر .
[ ص: 144 ] وآخر موالي النبي - صلى الله عليه وسلم - موتا . وآخر أزواجه - صلى الله عليه وسلم - موتا سفينة ميمونة فيما قاله وغيره . وقيل : الواقدي ، كما رواه أم سلمة يونس عن . قال شيخنا : وهو الصحيح . وفي صحيح ابن شهاب مسلم ما يقويه . وأغرب فزعم أن ابن حزم صفية آخر الزوجات موتا . وقال غيره : سنة خمسين . وقيل : سنة اثنتين وخمسين . وقيل : سنة خمس عشرة .