768 - والنسخ رفع الشارع السابق من أحكامه بلاحق وهو قمن 769 - أن يعتنى به وكان الشافعي
ذا علمه ثم بنص الشارع 770 - أو صاحب أو عرف التاريخ أو
أجمع تركا بان نسخ ورأوا 771 - دلالة الإجماع لا النسخ به
كالقتل في رابعة بشربه
ثم اختلف في حقيقته ، فقيل : إنه مشترك بين الإزالة والتحويل ; لأن الأصل في الاستعمال الحقيقة . وقيل : إنه حقيقة في الأول ، مجاز في الثاني . وقيل بالعكس . قال الأصبهاني شارح المختصر : والأخيران الأولى من الأول ، فالمجاز وإن كان على خلاف الأصل خير من الاشتراك . على أن العضد قال : إنه لا يتعلق به غرض علمي .
[ ] واصطلاحا : هو ( رفع الشارع ) - صلى الله عليه وسلم - الحكم [ ص: 48 ] ( السابق من أحكامه بـ ) حكم من أحكامه ( لاحق ) . هكذا عرفه تعريف النسخ اصطلاحا ومحترزاته ، وقال : إنه حد وقع لنا سالم من اعتراضات وردت على غيره . ابن الصلاح
والمراد بارتفاع الحكم قطع تعلقه بالمكلفين ; إذ الحكم قديم لا يرتفع ، ألا ترى أن المكلف إذا كان مستجمعا لما لا بد منه يقال : تعلق به الحكم . وإذا جن يقال : ارتفع عنه الحكم ; أي : تعلقه . ولذا صرح شيخنا تبعا لغيره بقوله : رفع تعلق حكم شرعي بدليل شرعي متأخر عنه . ثم لكون الرفع لا يكون إلا بعد الثبوت ، خرج بيان المجمل والاستثناء والشرط ونحوها مما هو متصل بالحكم ، مبين لغايته ، لا سيما مع التقييد بالسابق . واحترز بالشارع عن قول بعض الصحابة : خبر كذا ناسخ ; فإنه لا يكون نسخا وإن كان التكليف بالخبر المشار إليه إنما حصل بإخباره لمن لم يكن بلغه قبل . وبالحكم السابق من أحكامه عن رفع الإباحة الأصلية ; فإنه لا يسمى نسخا . وللاحتراز عن ذلك أيضا قيد بعضهم الحكم بالشرعي ، وقال : لأن الأمور العقلية التي مستندها البراءة الأصلية لم تنسخ ، وإنما [ ص: 49 ] ارتفعت بإيجاب العبادات . ولكن هذا القيد مستغن عنه بما قدمناه . وبحكم من أحكامه عن الرفع بالموت ، وكذا بالنوم والغفلة والجنون ، وإن نازع فيه بعضهم بأن النائم وما بعده رفع الحكم عنهم بحكم من أحكامه ، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ) ; فقد أجيب عن هذا كما أفاده رفع القلم الأصبهاني بأنه لا فرق بين الثلاثة وبين الميت في رفع الحكم عنهم ; للعلم بأن شرط التكليف التعقل ، وقد اشتركوا في عدمه . والحديث فهو دليل على أن الرافع هو النوم وما معه ، لا لفظ الخبر . وبلاحق عن انتهاء الحكم بانتهاء الوقت ; كقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ) . فالصوم مثلا بعد ذلك اليوم ليس بنسخ متأخر ، وإنما المأمور به مؤقت ، وقد انقضى وقته بعد مضي اليوم المأمور بإفطاره . ووراء هذا أن إنكم لاقو العدو غدا ، والفطر أقوى لكم فأفطروا البلقيني زاد في الحد كون الحكم الذي رفع متعلقا بالمحكوم عليه ; ليخرج به تخفيف الصلاة ليلة الإسراء من خمسين إلى خمس ; فإنه لا يسمى نسخا ; لعدم تعلقه بالمحكوم عليهم ، أي : تعلقا تنجيزيا ; لعدم إبلاغه لهم . فأما في حقه - صلى الله عليه وسلم - فمحتمل ، إلا أن يلمح أنه إنما يتعلق بعد البيان ، وهي غير مسألة النسخ قبل وقت الفعل ; لوجود التعلق بخلاف البيان .
ولكن قيل : إن هذا القيد قبل ما حملته عليه مستغن عنه بقوله : الحكم ; إذ الحكم الشرعي لا بد وأن يكون متعلقا بفعل المكلف تعلقا معنويا قبل وجوده تنجيزيا بعد ، حسبما أخذ في حد الحكم ; حيث قيل فيه : خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين من حيث التكليف بالاقتضاء أو التنجيز . فحينئذ لفظ الحكم يغني عنه . على أن في تعريف شيخنا السابق ما يخرجه . واختار التاج السبكي في تعريفه [ ص: 50 ] أنه رفع الحكم الشرعي بخطاب ، وقال : إنه أقرب الحدود .
وبالجملة فكونه رافعا هو الصحيح ، وإلا فقد قيل : إنه بيان لانتهاء أمد الحكم ، والناسخ ما دل على الرفع المذكور ، وتسميته ناسخا مجاز ; لأن الناسخ في الحقيقة هو الله . وقد قال ابن كثير في هذا النوع : إنه ليس من خصائص هذا العلم ، بل هو بأصول الفقه أشبه .
ونحوه قول ابن الأثير : معرفة المتواتر والآحاد والناسخ والمنسوخ ، وإن تعلقت بعلم الحديث ، فإن المحدث لا يفتقر إليها ، بل هي من وظيفة الفقيه ; لأنه يستنبط الأحكام من الأحاديث فيحتاج إلى معرفة ذلك ، وأما المحدث فوظيفته أن ينقل ويروي ما سمعه من الأحاديث ، فإن تصدى لما رواه فزيادة في الفضل ، وكمال في الاختيار . انتهى .