50 - والحسن المعروف مخرجا وقد اشتهرت رجاله بذاك حد 51 - حمد ، وقال الترمذي ما سلم
من الشذوذ مع راو ما اتهم 52 - بكذب ولم يكن فردا ورد
قلت وقد حسن بعض ما انفرد 53 - وقيل ما ضعف قريب محتمل
فيه ، وما بكل ذا حد حصل 54 - وقال بان لي فيه بإمعاني النظر
أن له قسمين كل قد ذكر 55 - قسما وزاد كونه ما عللا
ولا بنكر أو شذوذ شملا 56 - والفقهاء كلهم يستعمله
والعلماء الجل منهم يقبله 57 - وهو بأقسام الصحيح ملحق
حجية وإن يكن لا يلحق 58 - فإن يقل يحتج بالضعيف
فقل إذا كان من الموصوف 59 - رواته بسوء حفظ يجبر
بكونه من غير وجه يذكر 60 - وإن يكن لكذب أو شذا
أو قوي الضعف فلم يجبر ذا 61 - ألا ترى المرسل حيث أسندا
أو أرسلوا كما يجيء اعتضدا 62 - والحسن المشهور بالعداله
والصدق راويه إذا أتى له 63 - طرق أخرى نحوها من الطرق
صححته كمتن " لولا أن أشق " 64 - إذ تابعوا محمد بن عمرو
عليه فارتقى الصحيح يجري
[ بالحسن ] وقدم لاشتراكه مع الصحيح في الحجية ، والحسن لما [ ص: 86 ] كان بالنظر لقسميه الآتيين تتجاذبه الصحة والضعف - اختلف تعبير الأئمة في تعريفه ، [ بحيث أفرد فيه بعض متأخري شيوخ شيوخنا رسالة ] ، فقيل : هو ( المعروف مخرجا ) أي : المعروف مخرجه ، وهو كونه التعريف شاميا عراقيا مكيا كوفيا .
كأن يكون الحديث من رواية راو قد اشتهر برواية حديث أهل بلده ، كقتادة ونحوه في البصريين ، فإن حديث البصريين إذا جاء عن قتادة ونحوه ، كان مخرجه معروفا بخلافه عن غيرهم ، وذلك كناية عن الاتصال ; إذ المرسل والمنقطع والمعضل - لعدم بروز رجالها - لا يعلم مخرج الحديث منها ، وكذا المدلس - بفتح اللام - وهو الذي سقط منه بعضه ، مع إيهام الاتصال .
( وقد اشتهرت رجاله ) بالعدالة ، وكذا الضبط المتوسط بين الصحيح والضعيف ، ولا بد مع هذين الشرطين ألا يكون شاذا ولا معللا ، لكن ( بذاك ) أي بما تقدم من الاتصال والشهرة ( حد الإمام ) الحافظ الفقيه أبو سليمان ( حمد ) - بدون همزة ، وقيل : بإثباتها ، ولا يصح - ابن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي البستي الشافعي ، مصنف أعلام الجامع الصحيح ، ومعالم السنن للبخاري لأبي داود وغيرهما ، وأحد شيوخ الحاكم ، مات بـ " بست " في ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة ( 388هـ ) .
كما عرف الصحيح بأنه ما اتصل سنده وعدلت نقلته ، غير متعرض لمزيد ، ولأجل تعريفه له في معالمه بجانبه ، نوع العبارة ، وتعين حمل الاشتهار فيه على المتوسط كما قررته .
وتقوى به قول ابن دقيق العيد : وكأنه - أي : الخطابي - أراد ما لم يبلغ مرتبة الصحيح قال : ( وإلا فليس في عبارته كبير تلخيص لدخول الصحيح في التعريف ; لأنه أيضا قد عرف مخرجه ، واشتهر رجاله ) .
هذا مع أن التاج التبريزي ألزم ابن دقيق العيد بانتقاده إدخال الصحيح في [ ص: 87 ] الحسن ، مع قوله في الجواب عن استشكال جمع الترمذي بين الحسن والصحة - كما سيأتي - : كل صحيح حسن - التناقض .
وقال : ( إن دخول الخاص ، وهو هنا الصحيح ، في حد العام ضروري ، والتقييد بما يخرجه عنه مخل للحد ) . وقال الشارح : ( إنه متجه ) . انتهى .
وبه أيضا اندفع الاعتراض ، وحاصله : أن ما وجدت فيه هذه القيود كان حسنا ، وما كان فيه معها قيد آخر يصير صحيحا ، ولا شك في صدق ما ليس فيه على ما فيه ، إذا وجدت قيود الأول ، لكن قال شيخنا : إن هذا كله بناء على أن الحسن أعم مطلقا من الصحيح .
أما إذا كان من وجه - كما هو واضح لمن تدبره - فلا يرد اعتراض التبريزي ; إذ لا يلزم من كون الصحيح أخص من الحسن من وجه ، أن يكون أخص منه مطلقا ، حتى يدخل الصحيح في الحسن . انتهى .
وبيان كونه وجيها فيما يظهر : أنهما يجتمعان فيما إذا كان الصحيح لغيره ، والحسن لذاته ، ويفترقان في الصحيح لذاته ، والحسن لغيره ، ويعبر عنه بالمباينة الجزئية .
ثم رجع شيخنا ، فقال : والحق أنهما متباينان ; لأنهما قسيمان في الأحكام ، فلا يصدق أحدهما على الآخر ألبتة .
قلت : ويتأيد التباين بأنهما وإن اشتركا في الضبط ، فحقيقته في أحدهما غير [ ص: 88 ] الأخرى ; [ لما تقرر في المشكك من اختلاف أفراده ، وأن من أقسامه كون معنى الشيء في بعض أفراده أشد من الآخر ، وتمثيل ذلك ببياض الثلج والعاج على ما بسط في محاله ] .
وهو مثل من جعل المباح من جنس الواجب لكون كل منهما مأذونا فيه ، وغفل من فصل المباح ، وهو عدم الذم لتاركه ، فإن من جعل الحسن من جنس الصحيح للاجتماع في القبول - غفل عن فصل الحسن ، وهو قصور ضبط راويه .
على أنه نقل عن شيخنا - مما لم يصح عندي - الاعتناء بابن دقيق العيد ; بأنه إنما ذكر أن الصحيح أخص استطرادا وبحثا ، بخلاف مناقشته مع الخطابي ، فهي في أصل الباب ، وما يكون في بابه هو المعتمد ، وليس بظاهر ، بل الكلامان في باب واحد .