321 - وأعرضوا في هذه الدهور عن اجتماع هذه الأمور 322 - لعسرها بل يكتفى بالعاقل
المسلم البالغ غير الفاعل 323 - للفسق ظاهرا وفي الضبط بأن
يثبت ما روى بخط مؤتمن 324 - وأنه يروي من أصل وافقا
لأصل شيخه كما قد سبقا 325 - لنحو ذاك البيهقي فلقد
آل السماع لتسلسل السند
( وأعرضوا ) أي : المحدثون فضلا عن غيرهم ( في هذه الدهور ) المتأخرة ( عن ) اعتبار ( اجتماع هذه الأمور ) التي شرحت فيما مضى في الراوي وضبطه ، فلم يتقيدوا بها في عملهم ; ( لعسرها ) أو تعذر الوفاء بها ( بل ) استقر الحال بينهم على اعتبار بعضها ، وأنه وما يخرم المروءة ( ظاهرا ) ، بحيث يكون مستور الحال . ( يكتفى ) في الرواية ( بالعاقل المسلم البالغ غير الفاعل للفسق )
( و ) يكتفى ( في الضبط بأن يثبت ما روى بخط ) ثقة ( مؤتمن ) ، سواء الشيخ أو القارئ أو بعض السامعين كتب على الأصل أو في ثبت بيده ، إذا كان الكاتب من أهل الخبرة بهذه الشأن ، بحيث لا يكون الاعتماد في رواية هذا الراوي عليه ، بل على الثقة المفيد لذلك ( وأنه يروي ) حين يحدث ( من أصل ) بنقل الهمزة ( وافقا لأصل شيخه كما قد سبقا لنحو ذلك ) الحافظ الكبير ( البيهقي ) فإنه لما ذكر توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حديثهم ، ولا يحسنون قراءته من كتبهم ، ولا يعرفون ما يقرأ عليهم ، بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم ، وذلك لتدوين الأحاديث في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث ، قال : فمن جاء اليوم بحديث واحد لا يوجد عند جميعهم لم يقبل منه ; أي : لأنه لا يجوز أن يذهب على جميعهم ، ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته ، والحجة قائمة برواية غيره .
[ ص: 112 ] وحينئذ ( فلقد آل السماع ) الآن ( لتسلسل السند ) أي : بقاء سلسلته بحدثنا وأخبرنا ; لتبقى هذه الكرامة التي خصت بها هذه الأمة شرفا لنبيها صلى الله عليه وسلم ، يعني الذي لم يقع التبديل في الأمم الماضية إلا بانقطاعه .
قلت : والحاصل أنه لما كان الغرض أولا معرفة التعديل والتجريح ، وتفاوت المقامات في الحفظ والإتقان ; ليتوصل بذلك إلى التصحيح والتحسين والتضعيف ، حصل التشدد بمجموع تلك الصفات ، ولما كان الغرض آخرا الاقتصار في التحصيل على مجرد وجود السلسلة السندية اكتفوا بما ترى .
ولكن ذاك بالنظر إلى الغالب في الموضعين ، وإلا فقد يوجد في كل منهما من نمط الآخر ، وإن كان التساهل إلى هذا الحد في المتقدمين قليلا .
وقد سبق البيهقي إلى قوله شيخه الحاكم ، ونحوه عن ، وهو الذي استقر عليه العمل ، بل حصل التوسع فيه أيضا إلى ما وراء هذا ، كقراءة غير الماهر في غير أصل مقابل ، بحيث كان ذلك وسيلة لإنكار غير واحد من المحدثين ، فضلا عن غيرهم عليهم . السلفي