الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2019 - عن عائشة قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=10359924إن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=treesubj&link=2497أصوم في السفر ؟ وكان كثير الصيام ، فقال : " إن شئت فصم وإن شئت فأفطر " متفق عليه .
أي : في بيان حكم الصوم للمسافر من جواز فعله وتركه وبيان الأفضل منهما .
الفصل الأول
2019 - ( عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=10359925إن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أصوم في السفر ؟ ) أي : فما حكمه ؟ أي هل علي جناح في الصوم أو ضده أو يقدر الاستفهام ( وكان ) أي : حمزة ( كثير الصيام ) وسيأتي أنه كان صائم الدهر ، فالجملة معترضة لبيان الحال الحامل له على هذا السؤال ( فقال : " إن شئت " ) أي : أردت الصيام " فصم " لقوله - تعالى - nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184وأن تصوموا خير لكم وفي تقدم هذا الحكم إيماء إلى أنه أفضل ، [ ص: 1401 ] قال ابن الملك : الأكثر على أن صومه أفضل لتبرئة الذمة " وإن شئت " أي : اخترت الإفطار " فأفطر " بهمزة قطع ، فإنه رخصة من الله - تعالى - لقوله - عز وجل - nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فمن كان منكم مريضا أو على سفر أي : وأفطر nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فعدة من أيام أخر أي فعليه قضاء عدد تلك الأيام ، قال في شرح السنة : هذا التخيير قول عامة أهل العلم إلا ابن عمر فإنه قال : إن صام في السفر قضى في الحضر ، وإلا ابن عباس فإنه قال : لا يجوز الصوم في السفر ، وإليه ذهب داود بن علي من المتأخرين ، وكأنهم تعلقوا بظاهر الآية ، ثم اختلفوا في الأفضل منهما ، فقال بعضهم : الصوم أفضل ، وهو قول مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحاب أبي حنيفة ، وقال بعضهم : الفطر ، ويروى ذلك عن ابن عمر ، وقال بعضهم : أفضل الأمرين أيسرها لقوله - تعالى - nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185يريد الله بكم اليسر وأما الذي يجهده الصوم في السفر ولا يطيقه فإفطاره أولى ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - حين رأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10359926ليس من البر الصيام في السفر " ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وجه قوله - صلى الله عليه وسلم - " nindex.php?page=hadith&LINKID=10359926ليس من البر nindex.php?page=treesubj&link=2497الصيام في السفر " وقوله - صلى الله عليه وسلم - " أولئك العصاة " فيمن بلغ له إن صاموا أن هذا فيمن لم يقبل قلبه رخصة الله - تعالى ، فأما من رأى الفطر مباحا وقوي على الصوم فصام فهو أحب إلي اهـ . وسيأتي في حديث الشيخين عن ابن عباس أنه قائل بالتخيير ، فما روي عنه وعن ابن عمر ينبغي أن يحمل على صوم العصاة ، وبهذا يندفع ما ذهب إليه الشيعة وبعض الظاهرية من عدم جواز الصوم مطلقا ، مستدلين بقولهما هذا ما ظهر لي في هذا المقام ، وأما قول ابن حجر : إن ابن عباس معذور لعدم اطلاعه على حديث التخيير بخلافهم فإنهم اطلعوا عليه وتركوه لغير مقنع ، فغير مقنع ، وأما قوله : واختار nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه أن أفضلهما أيسرهما بعد نقله أن أكثر العلماء على أن الصوم أفضل ، فمخالف لما في شرح السنة من أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مع الجمهور ، وإن كان القول بأن الأيسر هو الأفضل يرجع في التحقيق إلى قول الأكثر ، فتدبر ، ولهذا قال ابن دقيق العيد : قوله - صلى الله عليه وسلم - " nindex.php?page=hadith&LINKID=10359927عليكم برخصة الله التي رخص لكم " دليل على أنه يندب التمسك بالرخصة إذا دعت الحاجة إليها ، وترك التنطع والتعمق ، ومن لم يشق عليه الصوم فهو له أفضل مسارعة لبرأة الذمة ولفضيلة الوقت اهـ . ويؤيده ما وقع في عبارة علمائنا : وصوم سفر لا يضره أحب ، وفي الهداية قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : الفطر أفضل ، قال ابن الهمام : الحق أن قوله كقولنا ولم يحك ذلك عنه إنما هذا مذهب أحمد ( متفق عليه ) هذا لفظ البخاري وسيأتي لفظ مسلم .