[ ص: 12 ] قال أبو عمر : هذه أسماء اصطلاحية ، وألقاب اتفق الجميع عليها ، وأنا ذاكر في هذا الباب معانيها إن شاء الله .
اعلم وفقك الله أني تأملت أقاويل أئمة أهل الحديث ، ونظرت في كتب من اشترط الصحيح في النقل منهم ، ومن لم يشترطه ; فوجدتهم أجمعوا على قبول ، لا خلاف بينهم في ذلك إذا جمع شروطا ثلاثة ، وهي : الإسناد المعنعن
عدالة المحدثين في أحوالهم .
ولقاء بعضهم بعضا مجالسة ومشاهدة .
وأن يكونوا برآء من التدليس .
والإسناد المعنعن : فلان عن فلان عن فلان عن فلان .
وقد حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن حدثنا إبراهيم بن بكر حدثنا محمد بن الحسين بن أحمد الأزدي الحافظ الموصلي [ ص: 13 ] قال : حدثنا ابن زاكيا ، قال : حدثنا أبو معمر عن ، قال : قال وكيع : فلان عن فلان ليس بحديث ، قال شعبة : وقال وكيع سفيان : هو حديث .
قال أبو عمر : ثم إن انصرف عن هذا إلى قول شعبة سفيان .
وقد أعلمتك أن المتأخرين من أئمة الحديث ، والمشترطين في تصنيفهم الصحيح ، قد أجمعوا على ما ذكرت لك ، وهو قول مالك ، وعامة أهل العلم ، والحمد لله ، إلا أن يكون الرجل معروفا بالتدليس ; فلا يقبل حديثه حتى يقول : حدثنا ، أو سمعت ، فهذا ما لا أعلم فيه أيضا خلافا .
ومن الدليل على أن " عن " محمولة عند أهل العلم بالحديث على الاتصال حتى يتبين الانقطاع فيها ما حكاه عن أبو بكر الأثرم : أنه سئل عن حديث أحمد بن حنبل : أن النبي عليه السلام مسح أعلى الخف وأسفله ; فقال : هذا الحديث ذكرته المغيرة بن شعبة [ ص: 14 ] فقال : عن لعبد الرحمن بن مهدي أنه قال عن ابن المبارك : حدثت عن ثور ، عن كاتب رجاء بن حيوة المغيرة ، وليس فيه المغيرة .
قال أحمد : وأما الوليد فزاد فيه : عن المغيرة ، وجعله عن ثور رجاء ، ولم يسمعه من ثور رجاء ; لأن قال فيه : عن ابن المبارك حدثت عن ثور رجاء .
قال أبو عمر : ألا ترى أن رحمه الله عاب على أحمد بن حنبل قوله " عن " في منقطع ليدخله في الاتصال ؟ . الوليد بن مسلم
فهذا بيان أن " عن " ظاهرها الاتصال حتى يثبت فيها غير ذلك ، ومثل هذا عن العلماء كثير .
وسنذكر هذا الحديث بطرقه عند ذكر حديث في باب : المغيرة بن شعبة عن ابن شهاب عباد بن زياد ، إن شاء الله .