فَوَارِسُ لَمْ يُغَالُوا فِي رَضَاعٍ فَتَنْبُو فِي أَكُفِّهِمُ السُّيُوفُ
وَلَوْ كَانَ مَا قَالَهُ الْأَخْفَشُ حَقًّا لَنَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِرْشَادًا ; لِأَنَّهُ رَؤُوفٌ بِالْمُؤْمِنِينَ اهـ . وَفِي الْأَبِيِّ : احْتَجَّ مَنْ قَالَ إِنَّهَا وَطْءُ الْمُرْضِعِ ، بِأَنَّ إِرْضَاعَ الْحَامِلِ مُضِرٌّ وَدَلِيلُهُ الْعِيَانُ ، فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْغِيلَةَ الَّتِي فِيهِ لَا تَضُرُّ وَهَذِهِ تَضُرُّ . وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ : وَالْخَبَرُ - يَعْنِي حَدِيثَ الْبَابِ - لَا يُنَافِيهِ خَبَرٌ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353695لَا تَغِيلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا " فَإِنَّ هَذَا كَالْمَشُورَةِ عَلَيْهِمْ وَالْإِرْشَادِ لَهُمْ إِلَى تَرْكِ مَا يُضْعِفُ الْوَلَدَ وَيُغِيلُهُ ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الْمُرْضِعَ إِذَا بَاشَرَهَا الرَّجُلُ حَرَّكَ مِنْهَا دَمَ الطَّمْثِ وَأَهَاجَهُ لِلْخُرُوجِ ، فَلَا يَبْقَى اللَّبَنُ عَلَى اعْتِدَالِهِ وَطِيبِهِ ، وَرُبَّمَا حَمَلَتِ الْمَوْطُوءَةُ فَيَكُونُ مِنْ أَضَرِّ الْأُمُورِ عَلَى الرَّضِيعِ لِأَنَّ جِهَةَ الدَّمِ حِينَئِذٍ تَنْصَرِفُ فِي تَغْذِيَةٍ فَيَصِيرُ لَبَنُهَا رَدِيئًا فَيَضْعُفُ الرَّضِيعُ ، فَهَذَا وَجْهُ الْإِرْشَادِ لَهُمْ إِلَى تَرْكِهِ ، وَلَمْ يُحَرِّمْهُ عَلَيْهِمْ وَلَا نَهَى عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ دَائِمًا لِكُلِّ مَوْلُودٍ .فوارس لم يغالوا في رضاع فتنبو في أكفهم السيوف
ولو كان ما قاله الأخفش حقا لنهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - إرشادا ; لأنه رؤوف بالمؤمنين اهـ . وفي الأبي : احتج من قال إنها وطء المرضع ، بأن إرضاع الحامل مضر ودليله العيان ، فلا يصح حمل الحديث عليه لأن الغيلة التي فيه لا تضر وهذه تضر . وقال ابن القيم : والخبر - يعني حديث الباب - لا ينافيه خبر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10353695لا تغيلوا أولادكم سرا " فإن هذا كالمشورة عليهم والإرشاد لهم إلى ترك ما يضعف الولد ويغيله ، فإن المرأة المرضع إذا باشرها الرجل حرك منها دم الطمث وأهاجه للخروج ، فلا يبقى اللبن على اعتداله وطيبه ، وربما حملت الموطوءة فيكون من أضر الأمور على الرضيع لأن جهة الدم حينئذ تنصرف في تغذية فيصير لبنها رديئا فيضعف الرضيع ، فهذا وجه الإرشاد لهم إلى تركه ، ولم يحرمه عليهم ولا نهى عنه لأنه لا يقع دائما لكل مولود .