الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
حدثني يحيى عن مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=707798أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال فقالوا يا رسول الله فإنك تواصل فقال nindex.php?page=treesubj&link=28642_2486_30504_30505_31005إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقى
13 - باب النهي عن nindex.php?page=treesubj&link=2486الوصال في الصيام
قال الباجي : يريد به وصل صوم يوم بصوم يوم آخر .
670 667 - ( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=10352717نهى عن الوصال ) ، وفي رواية جويرية عن نافع عند البخاري ، وعبيد الله بن عمر عن نافع عند مسلم ، عن ابن عمر : " أنه صلى الله تعالى عليه وسلم واصل فواصل الناس فشق عليهم فنهاهم " ، ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10352718فقالوا : يا رسول الله فإنك تواصل ) لم يسم القائلون ، وفي الصحيحين : عن أبي هريرة : فقال رجل من المسلمين ، وفي لفظ : فقال رجال بالجمع وكان القائل واحد ونسب إلى الجمع لرضاهم به ، وفيه استواء المكلفين في الأحكام ، وأن كل حكم ثبت في حقه صلى الله عليه وسلم ثبت في حق أمته إلا ما استثنى فطلبوا الجمع بين نهيه وفعله الدال على الإباحة فأجابهم باختصاصه به ، ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10352719فقال : إني لست كهيئتكم ) أي ليس حالي كحالكم ، أو لفظ هيئة زائد ، والمراد لست كأحدكم ، وللتنيسي : لست مثلكم ، ولمسلم عن أبي هريرة : لستم في ذلك مثلي أي لستم على صفتي ومنزلتي من ربي .
( nindex.php?page=hadith&LINKID=10352720إني أطعم وأسقى ) بضم الهمزة فيهما حقيقة فيؤتى بطعام وشراب من عند الله كرامة له في ليالي صومه ، وتعقب بأنه يلزم أن لا يكون مواصلا ، ويشهد له رواية : أظل يطعمني لأن " أظل " لا يكون إلا بالنهار والأكل فيه ممنوع ، وأجيب بأن [ ص: 268 ] طعام الجنة وشرابها لا تجري عليه أحكام التكليف .
قال ابن المنير : الذي يفطر شرعا إنما هو الطعام المعتاد ، وأما الخارق للعادة كالمحضر من الجنة فعلى غير هذا المعنى ، وليس تعاطيه من جنس الأعمال وإنما هو من جنس الثواب كأكل أهل الجنة في الجنة ، والكرامة لا تبطل العبادة فلا يبطل بذلك صومه ولا ينقطع وصاله ولا ينقص أجره ، والجمهور على أنه مجاز عن لازم الطعام والشراب وهو القوة فكأنه قال : يعطيني قوة الآكل والشارب ويفيض علي ما يسد مسدهما ويقوي على أنواع الطاعة من غير ضعف في القوة ولا كلال في الإحساس ، أو المعنى : أن الله تعالى يخلق فيه من الشبع والري ما يغنيه عن الطعام والشراب فلا يحس بجوع ولا عطش ، والفرق بينه وبين ما قبله أنه عليه يعطى القوة بلا شبع ولا ري بل مع الجوع والظمأ .
وعلى الثاني : يعطى القوة معهما .
ورجح ما قبله بأن الثاني ينافي حال الصائم ويفوت المقصود من الصوم والوصال لأن الجوع هو روح هذه العبادة بخصوصها .
قال القرطبي : ويبعده أيضا النظر إلى حاله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يجوع أكثر مما يشبع ، ويربط على بطنه الحجارة من الجوع ، ثم النهي للكراهة عند مالك والجمهور لمن قوي عليه وغيره ولو إلى السحر لعموم النهي ولحديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352721إذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه " ، وقيل : للتحريم وهو الأصح عند الشافعية ، وأجازه جماعة وقالوا : النهي عنه رحمة وتخفيف فمن قدر فلا حرج لحديث الصحيحين عن عائشة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352717نهى صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم " ، ورد بأن الرحمة لا تمنع النهي ، فمن رحمته أنه كرهه لهم أو حرمه عليهم .
قال الباجي : وعلى جوازه فإنما يصام الليل تبعا للنهار ، فأما أن يفرد بالصوم فلا يجوز ، وأجازه ابن وهب وأحمد وإسحاق إلى السحر لحديث البخاري عن أبي سعيد مرفوعا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352722لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر " ، وعارضه ابن عبد البر بحديث الصحيحين : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352723إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم " ، قال : nindex.php?page=treesubj&link=2486_31005فالوصال خصوص للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمواصل لا ينتفع بوصاله لأن الليل ليس موضعا للصوم ، ولا معنى لطلب الفضل في الوصال إلى السحر على مذهب من رواه لحديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352620لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر " ، وقالت عائشة : " كان صلى الله عليه وسلم أعجل الناس فطرا " انتهى .
وفي الترمذي وغيره عن أبي سعيد مرفوعا : " إن الله لم يكتب الصيام بالليل فمن صام فقد تعنى ولا أجر له " ، قال الترمذي : سألت البخاري عنه فقال : ما أرى عبادة سمع من أبي سعيد ، وقال ابن منده : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
وروى أحمد والطبراني وسعيد بن منصور وغيرهم بإسناد صحيح nindex.php?page=hadith&LINKID=10352726عن ليلى امرأة بشير بن الخصاصية قالت : " أردت أن أصوم يومين مواصلة فمنعني بشير وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه وقال : يفعل ذلك النصارى ، ولكن صوموا كما أمركم الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187ثم أتموا الصيام إلى الليل ( سورة البقرة : الآية 187 ) فإذا كان [ ص: 269 ] الليل فأفطروا " ، وحديث الباب رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ، ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به ، وتابعه جويرية عند البخاري ، وعبيد الله وأيوب عند مسلم ، ثلاثتهم عن نافع به .