1675 - قدوم ضمضم الغفاري مكة وإنذاره قريشا
4353 - ما حدثناه ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، عن يونس بن بكير قال : حدثني ابن إسحاق حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس ، عن عكرمة ، عن رضي الله عنهما قال ابن عباس : وحدثني ابن إسحاق يزيد بن رومان ، عن [ ص: 558 ] قالا : " رأت عروة بن الزبير رضي الله عنها فيما يرى النائم قبل مقدم عاتكة بنت عبد المطلب ضمضم بن عمرو الغفاري على قريش بمكة بثلاث ليال رؤيا ، فأصبحت عاتكة فأعظمتها ، فبعثت إلى أخيها فقالت له : يا أخي ، لقد رأيت الليلة رؤيا أفزعتني ليدخلن على قومك منها شر وبلاء ، فقال : وما هي ؟ فقالت : رأيت فيما يرى النائم أن رجلا أقبل على بعير له فوقف بالأبطح ، فقال : انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث ، فأرى الناس اجتمعوا إليه ، ثم أرى بعيره دخل به المسجد ، واجتمع الناس إليه ، ثم مثل به بعيره ، فإذا هو على رأس العباس بن عبد المطلب الكعبة ، فقال : انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث ، ثم إن بعيره مثل به على رأس أبي قبيس ، فقال : انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث ، ثم أخذ صخرة ، فأرسلها من رأس الجبل ، فأقبلت تهوي حتى إذا كانت في أسفل الجبل ، أرفضت فما بقيت دار من دور قومك ، ولا بيت إلا دخل فيه بعضها ، فقال العباس : والله ، إن هذه لرؤيا فاكتميها قالت : وأنت فاكتمها لئن بلغت هذه قريشا ليؤذوننا ، فخرج العباس من عندها ولقي ، وكان له صديقا فذكرها له واستكتمه إياها ، فذكرها الوليد بن عتبة الوليد لأبيه ، فتحدث بها ففشا الحديث قال العباس : والله ، إني لغاد إلى الكعبة لأطوف بها إذ دخلت المسجد ، فإذا أبو جهل في نفر من قريش يتحدثون ، عن رؤيا عاتكة ، فقال أبو جهل : يا أبا الفضل ، متى حدثت هذه النبية فيكم ؟ قلت : وما ذاك قال : عاتكة بنت عبد المطلب ، أما رضيتم يا رؤيا رأتها بني عبد المطلب ، أن يتنبأ رجالكم حتى تنبأ نساؤكم فسنتربص بكم هذه الثلاث التي ذكرت عاتكة ، فإن كان حقا فسيكون ، وإلا كتبنا عليكم كتابا إنكم أكذب أهل بيت في العرب ، فوالله ما كان إليه مني من كبير إلا أني أنكرت ما قالت ، فقلت : ما رأت شيئا ولا سمعت بهذا ، فلما أمسيت لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني ، فقلن : أصبرتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم ، ثم تناول النساء وأنت تسمع فلم يكن عندك في ذلك غيرة ؟ فقلت : قد والله صدقتن ، وما كان عندي في ذلك من غيرة إلا أني قد أنكرت ما قال ، فإن عاد لأكفينه ، فقعدت في اليوم الثالث أتعرضه ليقول شيئا فأشاتمه ، فوالله إني لمقبل نحوه ، وكان رجلا حديد الوجه ، حديد المنظر ، حديد اللسان إذ ولى نحو باب المسجد يشتد ، فقلت في نفسي : اللهم العنه كل هذا فرقا من أن أشاتمه ، وإذا هو قد سمع ما لم أسمع صوت ضمضم بن عمرو وهو واقف على بعيره بالأبطح قد حول رحله ، وشق قميصه ، وجدع بعيره ، يقول : يا معشر قريش ، اللطيمة اللطيمة أموالكم مع أبي سفيان ، وتجارتكم قد [ ص: 559 ] عرض لها محمد وأصحابه ، فالغوث ، فشغله ذلك عني ، فلم يكن إلا الجهاز حتى خرجنا ، فأصاب قريشا ما أصابها يوم بدر ، من قتل أشرافهم ، وأسر خيارهم ، فقالت : عاتكة بنت عبد المطلب
ألم تكن الرؤيا بحق وعابكم بتصديقها قل من القوم هارب فقلتم ولم أكذب كذبت وإنما
يكذبن بالصدق من هو كاذب
وذكر قصة طويلة .