تنبيهات
( الأول ) : أنه كل فإنه عليه كذلك من غير خلاف عن أحد من أئمة القراءة إلا ما كان من كلم أميلت الألف فيه من أجل كسرة وكانت الكسرة متطرفة نحو الدار ، الحمار ، هار ، الأبرار ، الناس ، المحراب فإن جماعة من أهل الأداء ذهبوا إلى الوقف في مذهب من أمال في الوصل محضا ، أو بين اللفظين بإخلاص الفتح ، هذا إذا وقف بالسكون اعتدادا منهم بالعارض إذ الموجب للإمالة حالة الوصل هو الكسر ، وقد زال بالسكون فوجب الفتح ، وهذا مذهب ما يمال أو يلطف وصلا أبي بكر الشذائي وأبي الحسن بن المنادي وابن حبش وابن أشته ، وغيرهم وحكي هذا المذهب أيضا عن البصريين ، ورواه داود بن أبي طيبة عن ، وعن ورش ابن كيسة عن سليم عن حمزة وذهب الجمهور إلى أن الوقف على ذلك في مذهب من أمال بالإمالة الخالصة ، وفي مذهب من قرأ بين بين كذلك بين اللفظين كالوصل سواء إذ الوقف عارض والأصل أن لا يعتد بالعارض ، ولأن الوقف مبني على الوصل كما أميل وصلا لأجل الكسرة فإنه كذلك يمال وقفا .
وإن عدمت الكسرة فيه وليفرق بذلك بين الممال لعلة وبين ما لا يمال أصلا وللإعلام بأن ذلك في حال الوصل كإعلامهم بالروم ، والإشمام حركة الموقوف عليه ، وهذا مذهب الأكثرين من أهل الأداء واختيار جماعة المحققين ، وهو الذي عليه العمل من عامة المقرئين ، وهو الذي لم يذكر أكثر المؤلفين سواه كصاحب التيسير ، والشاطبية ، والتلخيصين والهادي ، والهداية ، والعنوان ، والتذكرة ، والإرشادين ، وابن مهران والداني والهذلي وأبي العز ،
[ ص: 73 ] ، وغيرهم ، واختاره في التبصرة ، وقال : سواء رمت ، أو سكنت ورد على من فتح حالة الإسكان ، وقال : إن ذلك ليس بالقوي ، ولا بالجيد لأن الوقف غير لازم والسكون عارض ( قلت ) : وكلا الوجهين صحيحان عن السوسي نصا وأداء ، وقرأنا بهما من روايتيه ، وقطع بهما له صاحب المبهج ، وغيره ، وقطع له بالفتح فقط الحافظ في غايته ، وغيره والأصح أن ذلك مخصوص به من طريق أبو العلاء الهمداني ومأخوذ به من طريق ابن جرير ابن حبش كما نص عليه في المستنير ، وفي التجريد ، وابن فارس في جامعه ، وغيرهم وأطلق أبو العلاء ذلك في الوقف ، ولم يقيده بسكون وقيده آخرون برءوس الآي كابن سوار والصقلي وذهب بعضهم إلى الإمالة بين بين ، ومن هؤلاء من جعل ذلك مع الروم كما نص عليه في الكافي ، وقال : إنه مذهب البغداديين ، ومنهم من أطلق واكتفى بالإمالة اليسيرة إشارة إلى الكسر ، وهذا مذهب أبي طاهر بن أبي هاشم وأصحابه وحكي أنه قرأ به على ابن مجاهد وأبي عثمان عن الكسائي ، وعلى ابن مجاهد عن أصحابه عن اليزيدي والصواب تقييد ذلك بالإسكان وإطلاقه في رءوس الآي ، وغيرها . وتعميم الإسكان بحالتي الوقف والإدغام الكبير كما تقدم ثم إن سكون كليهما عارض ، وذلك نحو النار ربنا ، الأبرار ربنا ، الغفار لا جرم ، الفجار لفي ، وذلك من طريق ابن حبش عن كما نص عليه ابن جرير أبو الفضل الخزاعي وأبو عبد الله القصاع ، وغيرهما ، وقد ذكرنا ذلك في آخر باب الإدغام ، وقد تترجح الإمالة عند من يأخذ بالفتح من قوله في النار لخزنة جهنم لوجود الكسرة بعد الألف حالة الإدغام بخلاف غيره ( قلته ) قياسا - والله أعلم - .
ويشبه إجراء الثلاثة من الإمالة وبين بين والفتح لإسكان الوقف إجراء الثلاثة من المد والتوسط والقصر في سكون الوقف بعد حرف المد ، لكن الراجح في باب المد هو الاعتداد بالعارض ، وفي الإمالة عكسه والفرق بين الحالين أن المد موجبه الإسكان ، وقد حصل فاعتبروا الإمالة موجبها الكسر ، وقد زال فلم يعتبر - والله أعلم - .