[ ص: 382 ] باب في الهمزتين المجتمعتين من كلمتين
وتأتي على ضربان : . متفقتين ومختلفتين
( فالضرب الأول ) المتفقتان . وهما على ثلاثة أقسام : متفقتان بالكسر ، ومتفقتان بالفتح ، ومتفقتان بالضم . أما المتفقتان كسرا فعلى قسمين : متفق عليه ، ومختلف عليه . فالمتفق عليه ثلاثة عشر لفظا في خمسة عشر موضعا . في البقرة هؤلاء إن كنتم وفي النساء ( من النسا إلا ) في الموضعين ، وفي هود ومن وراء إسحاق وفي يوسف ( بالسو إلا ) وفي الإسراء وص : ( هؤلا إلا ) وفي النور ( على البغا إن ) وفي الشعراء ( من السما إن كنت ) وفي السجدة ( من السما إلى ) وفي الأحزاب ( من النسا إن اتقيتن ) وفيها : ( ولا أبنا إخوانهن ) وفي سبأ ( من السما إن ) وفيها ( هؤلا إياكم ) وفي الزخرف ( في السما إله ) ، والمختلف فيه ثلاثة مواضع ( للنبي إن أراد ، و " بيوت النبي " ) إلا في قراءة نافع ، و ( من الشهدا أن تضل ) في قراءة حمزة ، وأما المتفقتان فتحا ، ففي ستة عشر لفظا في تسعة وعشرين موضعا في النساء ( السفها أموالكم ) وفيها وفي المائدة ( جا أحد منكم ) وفي الأنعام ( جا أحدكم ) وفي الأعراف ( تلقا أصحاب النار ) وفيها وفي يونس وهود والنحل وفاطر ( جا أجلهم ) وفي هود خمسة مواضع وموضعي " المؤمنين " ( جا أمرنا ) وفي الحجر ( وجا أهل ) وفيها وفي القمر ( جا آل ) وفي الحج ( السما أن تقع ) وفي " المؤمنين " ( جا أحدهم ) وفي الفرقان ( شا أن يتخذ ) وفي الأحزاب ( شا أو يتوب ) وفي غافر والحديد ( جا أمر الله ) وفي القتال ( جا أشراطها ) وفي المنافقين ( جا أجلها ) وفي عبس ( شا أنشره ) ، وأما المتفقتان ضما فموضع واحد ( أوليا أولئك ) في الأحقاف ، فاختلفوا في إسقاط إحدى الهمزتين من ذلك وتخفيفها وتحقيقها . فقرأ أبو عمرو بإسقاط الهمزة الأولى منهما في [ ص: 383 ] الأقسام الثلاثة ، وافقه على ذلك ، عن ابن شنبوذ من أكثر طرقه ، قنبل وأبو الطيب ، عن رويس ، وانفرد بذلك أبو الفرج الشنبوذي ، عن النقاش ، عن أبي ربيعة ، عنه ، فوهم في ذلك ، والصواب أن ذلك رواية السامري عن ابن فرح ، عن أبي ربيعة كما ذكره ابن سوار ، لذلك لم يعول عليه الحافظ أبو العلاء ، والله أعلم .
ووافقهم على ذلك في المفتوحتين خاصة ، قالون وسهلا الأولى من المكسورتين ، ومن المضمومتين بين بين مع تحقيق الثانية ، واختلف عنهما في والبزي ، بالسوء إلا ، و للنبي إن أراد ، و بيوت النبي إلا أما بالسوء إلا فأبدل الهمزة الأولى منهما واوا وأدغم الواو التي قبلها فيها الجمهور من المغاربة وسائر العراقيين ، عن قالون وهذا هو المختار رواية مع صحته في القياس ، وقال والبزي ، في مفرداته : هذا الذي لا يجوز في التسهيل غيره . الحافظ أبو عمرو الداني
( قلت ) : وهذا عجيب منه ، فإن ذلك إنما يكون إذا كانت الواو زائدة كما سيأتي في باب وقف حمزة ، وإنما الأصل في تسهيل هذه الهمزة هو النقل ؛ لوقوع الواو قبلها أصلية عين الفعل ، كما سيأتي . قال في " التبصرة " : والأحسن الجاري على الأصول إلغاء الحركة . ثم قال : ولم يرو عنه - يعني عن مكي . قالون
( قلت ) : قد قرأت به عنه ، وعن البزي من طريق الإقناع وغيره ، وهو مع قوته قياسا ضعيف رواية ، وذكره أبو حيان ، وقرأنا به على أصحابه عنه ، وسهل الهمزة الأولى منهما بين بين ؛ طردا للباب جماعة من أهل الأداء ، وذكره أيضا ، وهو الوجه الثاني في الشاطبية ، ولم يذكره صاحب " العنوان " عنهما . وذكر عنهما كلا من الوجهين مكي ابن بليمة ، وأما ( للنبيء ) ، و ( النبيء ) فظاهر عبارة أبي العز في كفايته أن تجعل الهمزة فيهما بين بين في مذهب وقال بعضهم : لا يمنع من ذلك كون الياء ساكنة قبلها ، فإنها لو كانت ألفا لما امتنع جعلها بين بين بعدها لغة . قالون ،
( قلت ) : وهذا ضعيف جدا ، والصحيح قياسا ورواية ما عليه الجمهور من الأئمة قاطبة ، وهو الإدغام ، وهو المختار عندنا الذي لا نأخذ بغيره ، والله أعلم .
وقد انفرد في كفايته عن سبط الخياط الفرضي ، عن ابن بويان ، عن [ ص: 384 ] بإسقاط الأولى من المضمومتين كما يسقطها في المفتوحتين ، وانفرد قالون ابن مهران ، عن ابن بويان بإسقاط الأولى من المتفقتين في الأقسام الثلاثة ، فخالف سائر الرواة عنه ، والله أعلم .
وانفرد الداني ، عن أبي الفتح ، من طريق الحلواني ، عن بتحقيق الأولى وتسهيل الهمزة الثانية من المضمومتين والمكسورتين وبذلك ، قرأ قالون أبو جعفر ورويس من غير طريق أبي الطيب والأصبهاني ، عن في الأقسام الثلاثة ، واختلف ، عن ورش قنبل والأزرق ، عن أما ورش ، فروى عنه الجمهور من طريق قنبل ابن مجاهد جعل الهمزة الثانية فيها بين بين كذلك ، وهو الذي لم يذكر عنه العراقيون ولا صاحب " التيسير " في تسهيلها غيره . وكذا ذكره ابن سوار عنه ، من طريق . وروى عنه عامة المصريين والمغاربة ، وإبدالها حرف مد خالص فتبدل في حالة الكسر ياء خالصة ساكنة ، وحالة الفتح ألفا خالصة ، وحالة الضم واوا خالصة ساكنة ، وهو الذي قطع به في " الهادي " ، و " الهداية " ، و " التجريد " ، وهو أحد الوجهين في " التبصرة " ، و " الكافي " ، و " الشاطبية " ، وروى عنه ابن شنبوذ إسقاط الأولى في الأقسام الثلاثة كما تقدم . هذا الذي عليه الجمهور من أصحابه . ابن شنبوذ
وقال ابن سوار : قال : شيخنا أبو تغلب : قال : إذا لم تحقق الهمزتين فاقرأ كيف شئت . قال ابن شنبوذ ابن سوار : فيصير له - يعني ثلاثة ألفاظ ، أحدها : لابن شنبوذ - كأبي عمرو وموافقيه ، والثاني : كالبزي وموافقيه ، والثالث : كأبي جعفر وموافقيه .
( قلت ) : وقد ذكر الداني أن ابن مجاهد حكى هذا الوجه عن . ثم قال : ولم أقرأ به ، ولا رأيت أحدا من أهل الأداء يأخذ في مذهبه . انتهى . وأما قنبل الأزرق فروى عنه إبدال الهمزة في الأقسام الثلاثة حروف مد كوجه جمهور أصحاب المصريين ، ومن أخذ عنهم من المغاربة ، وهو الذي قطع به غير واحد منهم ، قنبل كابن سفيان ، والمهدوي ، وابن الفحام الصقلي ، وكذا في " التبصرة " ، و " الكافي " ، وقالا : إنه الأحسن له ، ولم يذكره الداني في " التيسير " ، وذكره في " جامع البيان " ، وغيره ، وقال : إنه الذي رواه المصريون عنه أداء . ثم قال : والبدل على غير [ ص: 385 ] قياس ، وروى عنه تسهيلها بين بين في الثلاثة الأقسام كثير منهم ، كأبي الحسن بن غلبون وأبي الحسن بن بليمة وأبي الطاهر صاحب " العنوان " ، وهو الذي لم يذكر في " التيسير " غيره ، وذكر الوجهين جميعا أبو محمد مكي ، وابن شريح ، وغيرهم ، واختلفوا عنه في موضعين وهما ( والشاطبي هؤلاء إن كنتم ، و " البغاء إن أردن " ) فروى عنه كثير من رواة التسهيل جعل الثانية فيها ياء مكسورة ، وذكر في " التيسير " أنه قرأ به على ابن خاقان ، عنه ، وإنه المشهور عنه في الأداء ، وقال في " الجامع " : إن الخاقاني ، وأبا الفتح وأبا الحسن استثنوها ، فجعلوا الثانية منهما ياء مكسورة محضة الكسرة ، قال : وبذلك كان يأخذ فيهما أبو جعفر بن هلال وأبو غانم بن حمدان وأبو جعفر بن أسامة ، وكذلك رواه إسماعيل النخاس ، عن أبي يعقوب أداء ، قال : وروى عنه إجراءهما كسائر نظائرهما ، وقد قرأت بذلك أيضا على أبو بكر بن سيف أبي الفتح وأبي الحسن ، وأكثر مشيخة المصريين على الأول .
( قلت ) : فدل على أنه قرأ بالوجهين على كل من أبي الفتح وأبي الحسن ، ولم يقرأ بغير إبدال الياء المكسورة على ابن خاقان كما أشار إليه في " التيسير " ، وقد ذكر فيهما الوجهين - أعني التسهيل والياء المكسورة - أبو علي الحسن بن بليمة في تلخيصه ، وابن غلبون في تذكرته ، وقال : إن الأشهر التسهيل ، على أن عبارة " جامع البيان " في هذا الموضع مشكلة ، وانفرد خلف بن إبراهيم بن خاقان الخاقاني فيما رواه الداني عنه ، عن أصحابه ، عن الأزرق بجعل الثانية من المضمومتين واوا مضمومة خفيفة الضمة ، قال الداني : كجعله إياها ياء خفيفة الكسرة في هؤلاء إن ، و البغاء إن قال : ورأيت أبا غانم وأصحابه قد نصوا على ذلك عن وترجموا عنه بهذه الترجمة ، ثم حكى مثال ذلك عن ورش ، النخاس ، عن أصحابه ، عن ثم قال : وهذا موافق للذي رواه لي ورش ، خلف بن إبراهيم ، عن أصحابه ، وأقرأني به عنهم ، قال : وذلك أيضا على غير قياس التليين .
( قلت ) : والعمل على غير هذا عند سائر أهل الأداء في سائر الأمصار ; ولذلك لم يذكره في " التيسير " مع إسناده رواية من طريق ورش ابن خاقان ، والله [ ص: 386 ] أعلم ، وانفرد بذلك في المضمومتين وسائر المكسورتين في " المبهج " عن سبط الخياط الشذائي ، عن ابن بويان في رواية وترجم عن ذلك بكسرة خفيفة وبضمة خفيفة ، ولو لم يغاير بينه وبين التسهيل بين بين لقيل : إنه يريد التسهيل . ولم أعلم أحدا روى عنه البدل في ذلك غيره ، والله أعلم . قالون ،
وقرأ الباقون ، وهم ابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، ، والكسائي وروح بتحقيق الهمزتين جميعا في الأقسام الثلاثة ، وانفرد ابن مهران ، عن روح بتسهيل الثانية منهما كأبي جعفر وموافقيه ، وكذلك انفرد عنه ابن أشتة فيما ذكره ابن سوار في موضع من المفتوحين وهو شاء أنشره ، والله أعلم .