قال تعالى : ( وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ( 114 ) ) .
[ ص: 91 ] قوله تعالى : ( ومن أظلم ) : من استفهام في معنى النفي ، وهو رفع بالابتداء ، وأظلم خبره ، والمعنى لا أحد أظلم . ( ممن منع ) : من نكرة موصوفة ، أو بمعنى الذي : " أن يذكر " فيه ثلاثة أوجه أحدها هو في موضع نصب على البدل من مساجد ، بدل الاشتمال تقديره : ذكر اسمه فيها . والثاني أن يكون في موضع نصب على المفعول له ، تقديره : كراهية أن يذكر .
والثالث : أن يكون في موضع جر ، تقديره من أن يذكر . وتتعلق من إذا ظهرت بمنع ; كقولك منعته من كذا .
وإذا حذف حرف الجر مع أن بقي الجر ، وقيل يصير في موضع نصب . وقد ذكرنا ذلك في قوله : ( لا يستحيي أن يضرب ) [ البقرة : 26 ] .
( وسعى في خرابها ) : خراب : اسم للتخريب مثل السلام اسم للتسليم ، وليس باسم للجثة . وقد أضيف اسم المصدر إلى المفعول ; لأنه يعمل عمل المصدر .
( إلا خائفين ) : حال من الضمير في يدخلوها . ( لهم في الدنيا ) : جملة مستأنفة ، وليست حالا مثل خائفين ; لأن استحقاقهم الخزي ثابت في كل حال ; لا في حال دخولهم المساجد خاصة .
قال تعالى : ( إن الله واسع عليم ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ( 115 ) ) .
قوله تعالى : ( ولله المشرق والمغرب ) : هما موضع الشروق والغروب .
( فأينما ) : شرطية ، و ( تولوا ) : مجزوم به ، وهو الناصب لأين ، والجواب ( فثم ) . وقرئ في الشاذ : تولوا بفتح التاء ، وفيه وجهان : أحدهما : هو مستقبل أيضا ، وتقديره تتولوا فحذف التاء الثانية .
والثاني : أنه ماضي ، والضمير للغائبين ، والتقدير أينما يتولون .
وقيل : يجوز أن يكون ماضيا قد وقع ، ولا يكون أين شرطا في اللفظ ، بل في [ ص: 92 ] المعنى ، كما تقول ما صنعت صنعت ، إذا أردت الماضي . وهذا ضعيف ; لأن : أين إما استفهام ، وإما شرط ، وليس لها معنى ثالث . و ( ثم ) : اسم للمكان البعيد عنك ، وبني لتضمنه معنى حرف الإشارة .
وقيل : بني لتضمنه معنى حرف الخطاب ; لأنك تقول في الحاضر هنا ، وفي الغائب هناك ، وثم ناب عن هناك .
قال تعالى : ( بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه ( ( 116 ) ) .
قوله تعالى : ( وقالوا اتخذ الله ولدا ) : يقرأ بالواو عطفا على قوله : ( وقالوا لن يدخل الجنة ) [ البقرة : 111 ] .
ويقرأ بغير واو على الاستئناف . ( كل له ) : تقديره كل أحد منهم أو كلهم ; لأن الأصل في كل أن تستعمل مضافة ، ومن هنا ذهب جمهور النحويين إلى منع دخول الألف واللام على كل ; لأن تخصيصها بالمضاف إليه ، فإذا لم يكن ملفوظا به كان في حكم الملفوظ به ، وحمل الخبر على معنى كل فجمعه في قوله : قانتون ولو قال قانت جاز على لفظ كل .