قال تعالى : ( وآخر من شكله أزواج ( 58 ) هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار ( 59 ) ) .
قوله تعالى : ( وآخر ) : يقرأ على الجمع ؛ وفيه وجهان ؛ أحدهما : هو مبتدأ .
و " من شكله " : نعت له ؛ أي من شكل الحميم ، و " أزواج " : خبره .
والثاني : أن يكون الخبر محذوفا ؛ أي ولهم أخر ؛ و " من شكله " و " أزواج " صفتان .
ويجوز أن يكون " من شكله " صفة ، و " أزواج " يرتفع بالجار .
وذكر الضمير ، لأن المعنى من شكل ما ذكرنا .
ويقرأ على الإفراد وهو معطوف على حميم ، و " من شكله " نعت له ، و " أزواج " يرتفع بالجار .
ويجوز أن يرتفع على تقدير هي ؛ أي الحميم .
والنوع الآخر قوله تعالى : ( مقتحم ) أي النار .
و ( معكم ) : يجوز أن يكون حالا من الضمير في مقتحم ، أو من ( فوج ) ؛ لأنه قد وصف ؛ ولا يجوز أن يكون ظرفا ، لفساد المعنى . ويجوز أن يكون نعتا ثانيا .
و ( لا مرحبا ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا ؛ أي هذا فوج مقولا له : لا مرحبا .
[ ص: 361 ] ومرحبا : منصوب على المصدر ، أو على المفعول به ؛ أي لا يسمعون مرحبا .
قال تعالى : ( قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار ( 61 ) ) .
قوله تعالى : ( من قدم ) : هي بمعنى الذي . و " فزده " : الخبر .
ويجوز أن يكون " من " نصبا ؛ أي فزد من قدم .
وقيل : هي استفهام بمعنى التعظيم ؛ فيكون مبتدأ ، وقدم الخبر ، ثم استأنف . وفيه ضعف .
و ( ضعفا ) : نعت لعذاب ؛ أي مضاعفا .
و ( في النار ) : ظرف لزد .
ويجوز أن يكون حالا من الهاء ؛ أي زده كائنا في النار ؛ وأن يكون نعتا ثانيا لعذاب ، أو حالا ؛ لأنه قد وصف .
قال تعالى : ( أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار ( 63 ) ) .
قوله تعالى : ( أتخذناهم ) : يقرأ بقطع الهمزة ؛ لأنها للاستفهام ؛ وبالوصل على حذف حرف الاستفهام لدلالة أم عليه . وقيل : الأول خبر ، وهو وصف في المعنى لرجال . و " أم " استفهام ؛ أي أهم مفقودون أم زاغت .
و ( سخريا ) : قد ذكر في " المؤمنون " .
قال تعالى : ( إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ( 64 ) ) .
قوله تعالى : ( تخاصم أهل النار ) : هو بدل من " حق " أو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هو تخاصم .
ولو قيل : هو مرفوع لحق لكان بعيدا ؛ لأنه يصير جملة ، ولا ضمير فيها يعود على اسم " إن " .
قال تعالى : ( رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار ( 66 ) ) .
قوله تعالى : ( رب السماوات ) : يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وأن يكون صفة ، وأن يكون بدلا ، وأن يكون مبتدأ ، والخبر " العزيز " .
[ ص: 362 ] قال تعالى : ( ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون ( 69 ) إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين ( 70 ) ) .
قوله تعالى : ( إذ يختصمون ) : هو ظرف لعلم .
و ( أنما ) : مرفوع بيوحى إلي .
وقيل : " إلي " قائم مقام الفاعل ؛ وإنما في موضع نصب ؛ أي أوحي إلي الإنذار ، أو بأني نذير .
قال تعالى : ( إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين ( 71 ) ) .
قوله تعالى : ( إذ قال ) : أي اذكر إذ قال .
( من طين ) : يجوز أن يكون نعتا لبشر ، وأن يتعلق بخالق .
قال تعالى : ( قال فالحق والحق أقول ( 84 ) ) .
قوله تعالى : ( فالحق ) في نصبه وجهان ؛ أحدهما : مفعول لفعل محذوف ؛ أي فأحق الحق ، أو فاذكر الحق . والثاني : على تقدير حذف القسم ؛ أي فبالحق لأملأن .
( والحق أقول ) : معترض بينهما . يدفع ذلك ؛ لأنه لا يجوز حذفه إلا مع اسم الله عز وجل . وسيبويه
ويقرأ بالرفع ؛ أي فأنا الحق ، أو فالحق مني .
وأما " الحق " الثاني فنصبه بأقول ؛ ويقرأ على تقدير تكرير المرفوع قبله ، أو على إضمار مبتدأ ؛ أي قولي الحق ؛ ويكون " أقول " على هذا مستأنفا موصولا بما بعده ؛ أي أقول لأملأن .
وقيل : يكون " أقول " خبرا عنه والهاء محذوفة ؛ أي أقوله . وفيه بعد .
قال تعالى : ( ولتعلمن نبأه بعد حين ( 88 ) ) .
قوله تعالى : ( ولتعلمن ) أي لتعرفن ، وله مفعول واحد ، وهو " نبأه " ويجوز أن يكون متعديا إلى اثنين ، والثاني : " بعد حين " .