قال تعالى : ( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ( 72 ) ) .
قوله تعالى : ( أعمى ) : الأولى بمعنى فاعل . وفي الثانية وجهان ; أحدهما : كذلك ; أي من كان في الدنيا عميا عن حجته ، فهو في الآخرة كذلك .
والثاني : هي أفعل التي تقتضي " من " ولذلك قال : " وأضل " . وأمال أبو عمرو الأولى دون الثانية ; لأنه رأى أن الثانية تقتضي " من " فكأن الألف وسط الكلمة تمثل أعمالهم .
قال تعالى : ( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا ( 74 ) ) .
قوله تعالى : ( تركن ) : بفتح الكاف ، وماضيه بكسرها . وقال بعضهم : هي مفتوحة في الماضي والمستقبل ، وذلك من تداخل اللغتين ; إن من العرب من يقول : ركن يركن ، ومنهم من يقول : ركن يركن ، فيفتح الماضي ويضم المستقبل ، فسمع من لغته فتح الماضي فتح المستقبل ممن هو لغته ، أو بالعكس فجمع بينهما وإنما دعا قائل هذا إلى اعتقاده أنه لم يجئ عنهم : فعل يفعل ، بفتح العين فيهما في غير حروف الحلق إلا أبى يأبى ; وقد قرئ بضم الكاف .
قال تعالى : ( وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها ( 76 ) ) .
قوله تعالى : ( لا يلبثون ) : المشهور بفتح الياء والتخفيف وإثبات النون على إلغاء إذن ; لأن الواو العاطفة تصير الجملة مختلفة بما قبلها ; فيكون " إذن " حشوا .
ويقرأ بضم الياء والتشديد ، على ما لم يسم فاعله .
وفي بعض المصاحف بغير نون على إعمال إذن ، ولا يكترث بالواو ; فإنها قد تأتي مستأنفة .
[ ص: 135 ] ( خلافك ) ، وخلفك : لغتان بمعنى . وقد قرئ بهما .
( إلا قليلا ) : أي زمنا قليلا .
قال تعالى : ( ولا تجد لسنتنا تحويلا سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ( 77 ) ) .
قوله تعالى : ( سنة من قد أرسلنا ) : هو منصوب على المصدر ; أي سننا بك سنة من تقدم من الأنبياء ، صلوات الله عليهم .
ويجوز أن تكون مفعولا به ; أي اتبع سنة من قد أرسلنا ، كما قال تعالى : ( فبهداهم اقتده ) [ الأنعام : 90 ] .
قال تعالى : ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ( 78 ) ) .
قوله تعالى : ( إلى غسق الليل ) : حال من الصلاة ; أي ممدودة .
ويجوز أن تتعلق بأقم ; فهي لانتهاء غاية الإقامة .
( وقرآن الفجر ) : فيه وجهان :
أحدهما : هو معطوف على الصلاة ; أي وأقم صلاة الفجر . والثاني : هو على الإغراء ; أي عليك قرآن الفجر ، أو الزم .
قال تعالى : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ومن الليل فتهجد به نافلة لك ( 79 ) ) .
قوله تعالى : ( نافلة لك ) : فيه وجهان :
أحدهما : هو مصدر بمعنى تهجدا ; أي تنفل تنفلا ، وفاعله هنا مصدر كالعافية .
والثاني : هو حال ; أي صلاة نافلة .
( مقاما ) : فيه وجهان :
أحدهما : هو حال ، تقديره : ذا مقام . الثاني : أن يكون مصدرا ، تقديره : أن يبعثك فتقوم .
قال تعالى : ( ولا يزيد الظالمين إلا خسارا وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ( 82 ) ) . قوله تعالى : ( من القرآن ) : " من " لبيان الجنس ; أي كله هدى من الضلال .
[ ص: 136 ] وقيل : هي للتبعيض ; أي منه ما يشفي من المرض . وأجاز : " ورحمة " بالنصب ، عطفا على " ما " . الكسائي