قال تعالى : ( فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) ( 35 ) .
قوله تعالى : ( وما كان صلاتهم ) : الجمهور على رفع الصلاة ونصب المكاء ، وهو ظاهر .
وقرأ بالعكس ، وهي ضعيفة ، ووجهها أن المكاء والصلاة مصدران ، والمصدر جنس ، ومعرفة الجنس قريبة من نكرته ، ونكرته قريبة من معرفته ، ألا ترى أنه لا فرق بين خرجت فإذا الأسد ، أو فإذا أسد ، ويقوي ذلك أن الكلام قد دخله النفي والإثبات ، وقد يحسن في ذلك ما لا يحسن في الإثبات المحض ، ألا ترى أنه لا يحسن : كان رجل خيرا منك ، ويحسن : ما كان رجل إلا خيرا منك . الأعمش
وهمزة المكاء مبدلة من واو ، لقولهم مكا يمكو .
والأصل في التصدية تصددة ؛ لأنه من الصد ، فأبدلت الدال الأخيرة ياء لثقل التضعيف . وقيل : هي أصل ، وهو من الصدى الذي هو الصوت .
قال تعالى : ( ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون ليميز الله الخبيث من الطيب ) ( 37 ) .
قوله تعالى : ( ليميز ) : يقرأ بالتشديد والتخفيف ، وقد ذكر في آل عمران .
و ( بعضه ) : بدل من الخبيث بدل البعض ؛ أي : بعض الخبيث على بعض .
[ ص: 462 ] و ( يجعل ) : هنا متعدية إلى مفعول بنفسها ، وإلى الثاني بحرف الجر .
وقيل : الجار والمجرور حال ؛ تقديره : ويجعل بعض الخبيث عاليا على بعض .
قال تعالى : ( نعم المولى ونعم النصير وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم ) ( 40 ) .
قوله تعالى : ( نعم المولى ) : المخصوص بالمدح محذوف ؛ أي : نعم المولى الله سبحانه .
قال تعالى : ( وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ) ( 46 ) .
قوله تعالى : ( أنما غنمتم ) : " ما " بمعنى الذي ، والعائد محذوف .
و ( من شيء ) : حال من العائد المحذوف ، تقديره : ما غنمتموه قليلا وكثيرا .
( فأن لله ) : يقرأ بفتح الهمزة ، وفي الفاء وجهان : أحدهما : أنها دخلت في خبر الذي لما في الذي من معنى المجازاة . و " أن " وما عملت فيه في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف ؛ تقديره : فالحكم أن لله خمسه . والثاني : أن الفاء زائدة ، و ( أن ) : بدل من الأولى . وقيل : " ما " مصدرية ، والمصدر بمعنى المفعول ؛ أي : واعلموا أن غنيمتكم ؛ أي : مغنومكم .
ويقرأ بكسر الهمزة في " إن " الثانية على أن تكون " إن " وما عملت فيه مبتدأ وخبرا في موضع خبر الأولى ، والخمس بضم الميم وسكونها لغتان ، قد قرئ بهما .
( يوم الفرقان ) : ظرف لأنزلنا أو لآمنتم .
( يوم التقى ) : بدل من " يوم " الأول ، ويجوز أن يكون ظرفا للفرقان ؛ لأنه مصدر بمعنى التفريق .