قال تعالى : ( وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا ) ( 51 ) .
[ ص: 427 ] قوله تعالى : ( الذين اتخذوا دينهم ) : يجوز أن يكون جرا ونصبا ورفعا . و ( لهوا ) : مفعول ثان ، والتفسير ملهوا به ، وملعوبا به . ويجوز أن يكون صيروا عادتهم ؛ لأن الدين قد جاء بمعنى العادة .
قال تعالى : ( ورحمة لقوم يؤمنون ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ) ( 52 ) .
قوله تعالى : ( على علم ) : يجوز أن يكون فصلناه مشتملا على علم فيكون حالا من الهاء . ويجوز أن يكون حالا من الفاعل ؛ أي : فصلناه عالمين ؛ أي : على علم منا .
( هدى ورحمة ) : حالان ؛ أي : ذا هدى وذا رحمة . وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف .
قال تعالى : ( يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون هل ينظرون إلا تأويله ) ( 53 ) .
قوله تعالى : ( يوم يأتي ) : هو ظرف لـ " يقول " : ( فيشفعوا لنا ) : هو منصوب على جواب الاستفهام . ( أو نرد ) : المشهور الرفع ، وهو معطوف على موضع " من شفعاء " تقديره : أو هل نرد . ( فنعمل ) : على جواب الاستفهام أيضا ويقرأ برفعها ؛ أي : فهل نعمل ، وهو داخل في الاستفهام ، ويقرآن بالنصب على جواب الاستفهام .
قال تعالى : ( ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ) ( 54 ) .
قوله تعالى : ( يغشي الليل ) : في موضعه وجهان : أحدهما : هو حال من الضمير في " خلق " وخبر إن على هذا " الله الذي خلق " . والثاني : أنه مستأنف ، ويغشي بالتخفيف وضم الياء ، وهو من أغشى ، ويتعدى إلى مفعولين ؛ أي : يغشي الله الليل النهار . ويقرأ " يغشي " بالتشديد ، والمعنى واحد . ويقرأ " يغشي " بفتح الياء والتخفيف ، والليل فاعله . ( يطلبه ) : حال من الليل أو من النهار . و ( حثيثا ) : حال من الليل ؛ لأنه الفاعل .
[ ص: 428 ] ويجوز أن يكون من النهار ، فيكون التقدير : يطلب الليل النهار محثوثا ، وأن يكون صفة لمصدر محذوف ؛ أي : طلبا حثيثا . ( والشمس ) : يقرأ بالنصب ، والتقدير : وخلق الشمس ، ومن رفع استأنف .
قال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) ( 55 ) .
قوله تعالى : ( وخفية ) : يقرأ بضم الخاء وكسرها ، وهما لغتان ، والمصدران حالان ، ويجوز أن يكون مفعولا له ، ومثله : ( خوفا وطمعا ) [ الأعراف : 56 ] .
قال تعالى : ( وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ) ( 56 ) .
قوله تعالى : ( قريب ) : إنما لم تؤنث لأنه أراد المطر . وقيل : إن الرحمة والترحم بمعنى ، وقيل : هو على النسب ؛ أي : ذات قرب ، كما يقال امرأة طالق ، وقيل : هو فعيل بمعنى مفعول كما قالوا : لحية دهين ، وكف خضيب . وقيل : أرادوا المكان ؛ أي : أن مكان رحمة الله قريب . وقيل : فرق بالحذف بين القريب من النسب وبين القريب من غيره .