قال تعالى : ( ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ) ( 100 ) .
قوله تعالى : ( مهاجرا ) : حال من الضمير في يخرج . ( ثم يدركه ) : مجزوم عطفا على يخرج ، ويقرأ بالرفع على الاستئناف ؛ أي : ثم هو يدركه . وقرئ بالنصب على إضمار أن ؛ لأنه لم يعطفه على الشرط لفظا ، فعطفه عليه معنى كما جاء في الواو والفاء .
قال تعالى : ( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) ( 101 ) .
قوله تعالى : ( أن تقصروا ) : أي : في أن تقصروا ، وقد تقدم نظائره . و ( من ) : زائدة [ ص: 295 ] عند الأخفش ، وعند سيبويه هي صفة المحذوف ؛ أي : شئيا من الصلاة . ( عدوا ) : في موضع أعداء . وقيل : عدو مصدر على فعول مثل القبول والولوع ، فلذلك لم يجمع . و ( لكم ) : حال من عدو ، أو متعلق بكان .
قال تعالى : ( فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ) ( 102 ) .
قوله تعالى : ( لم يصلوا ) : في موضع رفع صفة لطائفة ، وجاء الضمير على معنى الطائفة ، ولو قال : لم تصل لكان على لفظها . و ( لو تغفلون ) : بمعنى أن تغفلوا . و ( أن تضعوا ) : أي : في أن تضعوا .
قال تعالى : ( وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا ) ( 103 ) .
قوله تعالى : ( قياما وقعودا وعلى جنوبكم ) : أحوال كلها .
( اطمأننتم ) : الهمزة أصل ، ووزن الكلمة افعلل ، والمصدر الطمأنينة على فعليلة ، وأما قولهم : طامن رأسه فأصل آخر . و ( موقوتا ) : مفعول من وقت بالتخفيف .
قال تعالى : ( وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون ) ( 104 ) .
قوله تعالى : ( إن تكونوا تألمون ) : الجمهور على كسر إن وهي شرط . وقرئ : " أن تكونوا " بفتحها ؛ أي : لأن تكونوا . ويقرأ : " تيلمون " بكسر التاء وقلب الهمزة ياء ، وهي لغة .
قال تعالى : ( ولا تكن للخائنين خصيما إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ) ( 105 ) .
قوله تعالى : ( بالحق ) : هو حال من الكتاب ، وقد مر نظائره . ( أراك ) : الهمزة هاهنا معدية ، والفعل من رأيت الشيء إذا ذهبت إليه ، وهو من الرأي ، وهو متعد إلى مفعول واحد ، وبعد الهمزة يتعدى إلى مفعولين ، أحدهما الكاف والآخر محذوف ؛ أي : أراكه .
وقيل : المعنى علمك ، وهو متعد إلى مفعولين أيضا ، وهو قبل التشديد متعد إلى واحد كقوله : " لا تعلمونهم " . ( خصيما ) : بمعنى مخاصم ، واللام على بابها ؛ أي : لأجل الخائنين . وقيل : هي بمعنى عن .
[ ص: 296 ] قال تعالى : ( وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله ) ( 108 ) .
قوله تعالى : ( يستخفون ) : بمعنى يطلبون الخفاء ، وهو مستأنف لا موضع له . ( إذ يبيتون ) : ظرف للعامل في معهم .
قال تعالى : ( فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا ) ( 109 ) .
قوله تعالى : ( ها أنتم هؤلاء جادلتم ) : قد ذكرناه في قوله : ( ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم ) [ البقرة : 85 ] . ( أم من ) : هنا منقطعة .
قال تعالى : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) ( 110 ) .
قوله تعالى : ( أو يظلم نفسه ) ، أو لتفصيل ما أبهم ، وقد ذكرنا مثله في غير موضع .