[ ص: 127 ] وغالى بعض الشعراء في وصف جسمه بالنحول ، فجاء بما يزيد على الآية ، فقال :
ولو أن ما بي من جوى وصبابة على جمل لم يبق في النار خالد
وهذا على طريقة الشعراء في اعتبار المبالغة ، وإلا فمعارضات القرآن لا تجوز ، كما سبق التنبيه عليه .ومنه قوله تعالى : ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ( النساء : 22 ) .
فإن المعنى : إن كان ما سلف في الزمن السالف يمكن رجوعه فحله ثابت ، لكن لا يمكن رجوعه أبدا ، ولا يثبت حله أبدا ، وهو أبلغ في النهي المجرد .
ومنه قوله تعالى : قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ( الزخرف : 81 ) أي : ولكن ليس له ولد فلا أعبد سواه .
وقوله تعالى : لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ( مريم : 62 ) أي : إن كان تسليم بعضهم على بعض ، أو تسليم الملائكة عليهم لغوا ، فلا يسمعون لغوا إلا ذلك ; فهو من باب قوله :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
ووجهه : " بأنه من التوكيد في الدلالة ، والموتة الأولى لا يذوقونها أصلا ، إذ يستحيل عود ما وقع ، فلا يذوقون فيها الموت أصلا ، أي : إن كانوا يذوقون فلا يكون ذلك إلا الموتة الأولى ، وإن كان إيقاع الموتة الأولى في الجنة مستحيلا ، فعرض بالاستثناء إلى استحالة الموت فيها . الزمخشري
[ ص: 128 ] هذا إن جعلنا الاستثناء متصلا ، فإن كان منقطعا فالمعنى : " لكن الموتة الأولى قد ذاقوها " .
ويحتمل على الاتصال أن يكون المعنى فيها ، أي : في مقدماتها ; لأن الذي يرى مقامه في الجنة عند موته ينزل منزلة من هو فيها ، بتأويل الذوق على معنى المستحيل .
فهذه ثلاثة أوجه .