لما ذكر - سبحانه - أنه أرسل في الأمم الماضية منذرين ذكر تفصيل بعض ما أجمله فقال : ولقد نادانا نوح واللام هي الموطئة للقسم ، وكذا اللام في قوله : فلنعم المجيبون أي : نحن ، والمراد أن نوحا دعا ربه على قومه لما عصوه ، فأجاب الله دعاءه وأهلك قومه بالطوفان .
فالنداء هنا هو نداء الدعاء لله والاستغاثة به ، كقوله : رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا [ نوح : 26 ] وقوله : أني مغلوب فانتصر [ القمر : 10 ] قال أي : فلنعم المجيبون له كنا . الكسائي
ونجيناه وأهله من الكرب العظيم المراد بأهله أهل دينه ، وهم من آمن معه وكانوا ثمانين ، والكرب العظيم هو الغرق ، وقيل : تكذيب قومه له وما يصدر منهم إليه من أنواع الأذايا .
وجعلنا ذريته هم الباقين وحدهم دون غيرهم كما يشعر به ضمير الفصل ، وذلك لأن الله أهلك الكفرة بدعائه ولم يبق منهم باقية ، ومن كان معه في السفينة من المؤمنين ماتوا كما قيل ولم يبق إلا أولاده .
قال : كان ولد سعيد بن المسيب نوح ثلاثة نوح ، والناس كلهم من ولد فسام أبو العرب وفارس والروم واليهود والنصارى .
وحام أبو السودان من المشرق إلى المغرب : السند ، والهند ، والنوب ، والزنج ، والحبشة ، والقبط ، والبربر وغيرهم .
ويافث أبو الصقالب والترك والخزر ويأجوج ومأجوج وغيرهم .
وقيل : إنه كان لمن مع نوح ذرية كما يدل عليه قوله ذرية من حملنا مع نوح [ الإسراء : 3 ] وقوله قيل يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم [ هود : 48 ] فيكون على هذا معنى وجعلنا ذريته هم الباقين وذريته وذرية من معه دون ذرية من كفر ، فإن الله أغرقهم فلم يبق لهم ذرية .
وتركنا عليه في الآخرين يعني في الذين يأتون بعده إلى يوم القيامة من الأمم .
والمتروك هذا هو قوله : سلام على نوح أي : تركنا هذا الكلام بعينه وارتفاعه على الحكاية ، والسلام هو الثناء الحسن أي : يثنون عليه ثناء حسنا ويدعون له ويترحمون عليه .
قال : تركنا عليه الذكر الجميل إلى يوم القيامة ، وذلك الذكر هو قوله : الزجاج سلام على نوح .
قال : في ارتفاع ( سلام ) وجهان : أحدهما وتركنا عليه في الآخرين يقال : سلام على الكسائي نوح . والوجه الثاني أن يكون المعنى : وأبقينا عليه ، وتم الكلام ، ثم ابتدأ فقال : سلام على نوح أي : وسلامة له من أن يذكر بسوء في الآخرين .
قال أي : تركنا عليه هذه الكلمة باقية : يعني يسلمون عليه تسليما ويدعون له ، وهو من الكلام المحكي كقوله : المبرد سورة أنزلناها [ النور : 1 ] وقيل : إنه ضمن تركنا معنى قلنا .
قال الكوفيون : جملة ( سلام على نوح في العالمين ) في محل نصب مفعول " تركنا " ، لأنه [ ص: 1244 ] ضمن معنى قلنا .
قال : وفي قراءة الكسائي " سلاما " منصوب بـ " تركنا " أي : تركنا عليه ثناء حسنا ، وقيل : المراد بالآخرين أمة ابن مسعود محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، و " في العالمين " متعلق بما تعلق به الجار والمجرور الواقع خبرا ، وهو على نوح أي : سلام ثابت أو مستمر أو مستقر على نوح في العالمين من الملائكة والجن والإنس ، وهذا يدل على عدم اختصاص ذلك بأمة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - كما قيل .
إنا كذلك نجزي المحسنين هذه الجملة تعليل لما قبلها من التكرمة لنوح بإجابة دعائه وبقاء الثناء من الله عليه وبقاء ذريته أي : إنا كذلك نجزي من كان محسنا في أقواله وأفعاله راسخا في الإحسان معروفا به ، والكاف في كذلك نعت مصدر محذوف أي : جزاء كذلك الجزاء .
إنه من عبادنا المؤمنين هذا بيان لكونه من المحسنين وتعليل له بأنه كان عبدا مؤمنا مخلصا لله .
ثم أغرقنا الآخرين أي : الكفرة الذين لم يؤمنوا بالله ولا صدقوا نوحا .
ثم ذكر - سبحانه - إبراهيم وبين أنه ممن شايع قصة نوحا فقال : وإن من شيعته لإبراهيم أي : من أهل دينه وممن شايعه ووافقه على الدعاء إلى الله ، وإلى توحيده ، والإيمان به . قال مجاهد : أي : على منهاجه وسنته . قال : الشيعة الأعوان وهو مأخوذ من الشياع ، وهو الحطب الصغار الذي يوقد مع الكبار حتى يستوقد ، وقال الأصمعي الفراء : المعنى وإن من شيعة محمد لإبراهيم ، فالهاء في شيعته على هذا لمحمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وكذا قال الكلبي . ولا يخفى ما في هذا من الضعف والمخالفة للسياق .
والظرف في قوله : إذ جاء ربه بقلب سليم منصوب بفعل محذوف أي : اذكر ، وقيل : بما في الشيعة من معنى المتابعة .
قال أبو حيان : لا يجوز ; لأن فيه الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي ، وهو إبراهيم ، والأولى أن يقال : إن لام الابتداء تمنع ما بعدها من العمل فيما قبلها ، والقلب السليم المخلص من الشرك والشك .
وقيل : هو الناصح لله في خلقه ، وقيل : الذي يعلم أن الله حق ، وأن الساعة قائمة ، وأن الله يبعث من في القبور .
ومعنى مجيئه إلى ربه يحتمل وجهين : أحدهما عند دعائه إلى توحيده وطاعته . الثاني عند إلقائه في النار .
وقوله : إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون بدل من الجملة الأولى ، أو ظرف ل " سليم " ، أو ظرف ل " جاء " ، والمعنى : وقت قال لأبيه آزر وقومه من الكفار : أي شيء تعبدون .
أئفكا آلهة دون الله تريدون انتصاب " إفكا " على أنه مفعول لأجله ، وانتصاب ( آلهة ) على أنه مفعول ( تريدون ) ، والتقدير أتريدون آلهة من دون الله للإفك ، و " دون " ظرف ل " تريدون " ، وتقديم هذه المعمولات للفعل عليه للاهتمام .
وقيل : انتصاب " إفكا " على أنه مفعول به ل ( تريدون ) ، و ( آلهة ) بدل منه ، جعلها نفس الإفك مبالغة ، وهذا أولى من الوجه الأول .
وقيل : انتصابه على الحال من فاعل ( تريدون ) أي : أتريدون آلهة آفكين أو ذوي إفك .
قال : الإفك أسوأ الكذب ، وهو الذي لا يثبت ويضطرب ومنه ائتفكت بهم الأرض . المبرد
فما ظنكم برب العالمين أي : ما ظنكم به إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره وما ترونه يصنع بكم ؟ وهو تحذير مثل قوله ما غرك بربك الكريم [ الانفطار : 6 ] وقيل : المعنى : أي شيء توهمتموه بالله حتى أشركتم به غيره .
فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم قال الواحدي : قال المفسرون : كانوا يتعاطون علم النجوم فعاملهم بذلك لئلا ينكروا عليه وذلك أنه أراد أن يكايدهم في أصنامهم لتلزمهم الحجة في أنها غير معبودة ، وكان لهم من الغد يوم عيد يخرجون إليه ، وأراد أن يتخلف عنهم فاعتل بالسقم : وذلك أنهم كلفوه أن يخرج معهم إلى عيدهم فنظر إلى النجوم يريهم أنه مستدل بهم على حاله ، فلما نظر إليها قال : إني سقيم أي : سأسقم .
وقال الحسن : إنهم لما كلفوه أن يخرج معهم تفكر فيما يعمل ، فالمعنى على هذا أنه نظر فيما نجم له من الرأي أي : فيما طلع له منه ، فعلم أن كل شيء يسقم .
فقال إني سقيم قال الخليل : يقال للرجل إذا فكر في الشيء يدبره : نظر في النجوم وقيل : كانت الساعة التي دعوه إلى الخروج معهم فيها ساعة تعتاده فيها الحمى . والمبرد
وقال الضحاك : معنى إني سقيم : سأسقم سقم الموت ، لأن من كتب عليه الموت يسقم في الغالب ثم يموت ، وهذا تورية وتعريض كما قال للملك لما سأله عن سارة هي أختي : يعني أخوة الدين .
وقال : أشار لهم إلى مرض يسقم ويعدي وهو الطاعون وكانوا يهربون من ذلك . سعيد بن جبير
ولهذا قال : فتولوا عنه مدبرين أي : تركوه وذهبوا مخافة العدوى .
فراغ إلى آلهتهم يقال : راغ يروغ روغا وروغانا : إذا مال ، ومنه طريق رائغ ، أي : مائل .
ومنه قول الشاعر :
فيريك من طرف اللسان حلاوة ويروغ عنك كما يروغ الثعلب
وقال : ذهب إليهم ، وقال السدي أبو مالك : جاء إليهم ، وقال الكلبي : أقبل عليهم ، والمعنى متقارب فقال ألا تأكلون أي : فقال إبراهيم للأصنام التي راغ إليها استهزاء وسخرية : ألا تأكلون من الطعام الذي كانوا يصنعونه لها ، وخاطبها كما يخاطب من يعقل ، لأنهم أنزلوها بتلك المنزلة .
وكذا قوله : ما لكم لا تنطقون فإنه خاطبهم خطاب من يعقل ، والاستفهام للتهكم بهم لأنه قد علم أنها جمادات لا تنطق .
قيل : إنهم تركوا عند أصنامهم طعامهم للتبرك بها وليأكلوه إذا رجعوا من عيدهم .
وقيل : تركوه للسدنة ، وقيل : إن إبراهيم هو الذي قرب إليهم الطعام مستهزئا بها .
فراغ عليهم ضربا باليمين أي : فمال عليهم يضربهم ضربا باليمين فانتصابه على أنه مصدر مؤكد لفعل محذوف ، أو هو مصدر ل : راغ ، لأنه بمعنى ضرب .
قال الواحدي : قال المفسرون : يعني بيده اليمنى يضربهم بها . وقال : بالقوة والقدرة لأن اليمين أقوى اليدين . قال السدي الفراء وثعلب : ضربا بالقوة ، واليمين القوة .
وقال الضحاك : المراد باليمين اليمين التي حلفها حين قال : والربيع بن أنس وتالله لأكيدن أصنامكم [ الأنبياء : 57 ] وقيل : المراد باليمين هنا العدل كما في قوله : ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين [ الحاقة : 44 ، 45 ] أي : بالعدل ، واليمين كناية عن [ ص: 1245 ] العدل كما أن الشمال كناية عن الجور ، وأول هذه الأقوال أولاها .
فأقبلوا إليه يزفون أي : أقبل إليه عبدة تلك الأصنام يسرعون لما علموا بما صنعه بها ، و ( يزفون ) في محل نصب على الحال من فاعل أقبلوا .
قرأ الجمهور يزفون بفتح الياء من زف الظليم يزف إذا عدا بسرعة ، وقرأ حمزة بضم الياء من أزف يزف أي : دخل في الزفيف ، أو يحملون غيرهم على الزفيف .
قال : أزففت الإبل أي : حملتها على أن تزف ، وقيل : هما لغتان ، يقال : زف القوم وأزفوا ، وزفت العروس وأزففتها ، حكي ذلك عن الأصمعي الخليل .
قال النحاس : زعم أبو حاتم أنه لا يعرف هذه اللغة : يعني يزفون بضم الياء ، وقد عرفها جماعة من العلماء منهم الفراء ، وشبهها بقولهم أطردت الرحل أي : صيرته إلى ذلك ، وقال : الزفيف الإسراع . وقال المبرد : الزفيف أول عدو النعام . وقال الزجاج قتادة والسدي : ومعنى ( يزفون ) يمشون . وقال الضحاك : يسعون . وقال : يرعدون غضبا . وقال يحيى بن سلام مجاهد : يختالون أي : يمشون مشي الخيلاء ، وقيل : يتسللون تسللا بين المشي والعدو ، والأولى تفسير ( يزفون ) بـ : يسرعون ، وقرئ " يزفون " على البناء للمفعول ، وقرئ " يزفون " ك : يرمون .
وحكى الثعلبي عن الحسن ومجاهد ، وابن السميفع أنهم قرءوا " يرفون " بالراء المهملة ، وهي ركض بين المشي والعدو .
قال أتعبدون ما تنحتون لما أنكروا على إبراهيم ما فعله بالأصنام ، ذكر لهم الدليل الدال على فساد عبادتها فقال مبكتا لهم ومنكرا عليهم أتعبدون ما تنحتون أي : أتعبدون أصناما أنتم تنحتونها ، والنحت النجر والبري ، نحته ينحته بالكسر نحتا أي : براه ، والنحاتة البراية .
وجملة والله خلقكم وما تعملون في محل نصب على الحال من فاعل " تعبدون " ، و " ما " في وما تعملون موصولة أي : وخلق الذي تصنعونه على العموم ويدخل فيها الأصنام التي ينحتونها دخولا أوليا ، ويكون معنى العمل هنا التصوير والنحت ونحوهما ، ويجوز أن تكون مصدرية أي : خلقكم وخلق عملكم ، ويجوز أن تكون استفهامية ، ومعنى الاستفهام التوبيخ والتقريع أي : وأي شيء تعملون ، ويجوز أن تكون نافية ، أي : إن العمل في الحقيقة ليس لكم فأنتم لا تعملون شيئا ، وقد طول صاحب الكشاف الكلام في رد قول من قال إنها مصدرية ، ولكن بما لا طائل تحته ، وجعلها موصولة أولى بالمقام وأوفق بسياق الكلام .
قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم مستأنفة جواب سؤال مقدر كالجملة التي قبلها ، قالوا هذه المقالة لما عجزوا عن جواب ما أورده عليهم من الحجة الواضحة ، فتشاوروا فيما بينهم أن يبنوا له حائطا من حجارة ويملئوه حطبا ويضرموه ، ثم يلقوه فيه ، والجحيم النار الشديدة الاتقاد قال وكل نار بعضها فوق بعض فهي جحيم ، واللام في ( الجحيم ) عوض عن المضاف إليه أي : في جحيم ذلك البنيان . الزجاج
ثم لما ألقوه فيها نجاه الله منها وجعلها عليه : بردا وسلاما ، وهو معنى قوله : فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين الكيد : المكر والحيلة أي : احتالوا لإهلاكه فجعلناهم الأسفلين المقهورين المغلوبين ، لأنها قامت له بذلك عليهم الحجة التي لا يقدرون على دفعها ولا يمكنهم جحدها ، فإن النار الشديدة الاتقاد العظيمة الاضطرام المتراكمة الجمار إذا صارت بعد إلقائه عليها بردا وسلاما ، ولم تؤثر فيه أقل تأثير كان ذلك من الحجة بمكان يفهمه كل من له عقل ، وصار المنكر له سافلا ساقط الحجة ظاهر التعصب واضح التعسف وسبحان من يجعل المحن لمن يدعو إلى دينه منحا ، ويسوق إليهم الخير بما هو من صور الضير .
ولما انقضت هذه الوقعة وأسفر الصبح لذي عينين ، وظهرت حجة الله لإبراهيم ، وقامت براهين نبوته ، وسطعت أنوار معجزته .
وقال إني ذاهب إلى ربي أي : مهاجر من بلد قومي الذين فعلوا ما فعلوا تعصبا للأصنام وكفرا بالله وتكذيبا لرسله إلى حيث أمرني بالمهاجرة إليه .
أو إلى حيث أتمكن من عبادته سيهدين أي : سيهديني إلى المكان الذي أمرني بالذهاب إليه ، أو إلى مقصدي .
وقيل : إن الله - سبحانه - أمره بالمسير إلى الشام ، وقد سبق بيان هذا في سورة الكهف مستوفى .
قال مقاتل : فلما قدم الأرض المقدسة سأل ربه الولد فقال : رب هب لي من الصالحين أي : ولدا صالحا من الصالحين يعينني على طاعتك ويؤنسني في الغربة هكذا قال المفسرون ، وعللوا ذلك بأن الهبة قد غلب معناها في الولد ، فتحمل عند الإطلاق عليه ، وإذا وردت مقيدة حملت على ما قيدت به كما في قوله : ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا [ مريم : 53 ] .
وعلى فرض أنها لم تغلب في طلب الولد .
فقوله : فبشرناه بغلام حليم يدل على أنه ما أراد بقوله : رب هب لي من الصالحين إلا الولد ، ومعنى " حليم " : أن يكون حليما عند كبره ، فكأنه بشر ببقاء ذلك الغلام حتى يكبر ويصير حليما ، لأن الصغير لا يوصف بالحلم .
قال : هذه البشارة تدل على أنه مبشر بابن ذكر ، وأنه يبقى حتى ينتهي في السن ويوصف بالحلم . الزجاج
فلما بلغ معه السعي في الكلام حذف كما تشعر به هذه الفاء الفصيحة والتقدير : فوهبنا له الغلام فنشأ حتى صار إلى السن التي يسعى فيها مع أبيه في أمور دنياه .
قال مجاهد : فلما بلغ معه السعي أي : شب وأدرك سعيه سعي إبراهيم . وقال مقاتل : لما مشى معه . قال الفراء كان يومئذ ابن ثلاث عشرة سنة . وقال الحسن : هو سعي العقل الذي تقوم به الحجة .
وقال ابن زيد : هو السعي في العبادة ، وقيل : هو الاحتلام قال يابني إني أرى في المنام أني أذبحك قال إبراهيم لابنه لما بلغ معه ذلك المبلغ : إني رأيت في المنام هذه الرؤيا .
قال مقاتل : رأى إبراهيم ذلك ثلاث ليال متتابعات . قال قتادة : رؤيا الأنبياء حق إذا رأوا شيئا فعلوه . وقد اختلف أهل العلم في الذبيح ؟ هل هو إسحاق أو إسماعيل . قال القرطبي : فقال أكثرهم : الذبيح إسحاق وممن قال بذلك العباس بن عبد المطلب وابن عبد الله ، وهو [ ص: 1246 ] الصحيح عن ، ورواه أيضا عن عبد الله بن مسعود جابر وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر ، قال : فهؤلاء سبعة من الصحابة . وعمر بن الخطاب
قال : ومن التابعين وغيرهم علقمة والشعبي ومجاهد وسعيد بن جبير ، وكعب الأحبار وقتادة ومسروق وعكرمة والقاسم بن أبي بزة وعطاء ومقاتل وعبد الرحمن بن سابط والزهري والسدي وعبد الله بن أبي الهذيل كلهم قالوا الذبيح ومالك بن أنس إسحاق ، وعليه أهل الكتابين اليهود والنصارى ، واختاره غير واحد ، منهم النحاس وغيرهما . وابن جرير الطبري
قال : وقال آخرون : هو إسماعيل ، وممن قال بذلك أبو هريرة ، وروي ذلك عن وأبو الطفيل عامر بن واثلة ابن عمر أيضا ، ومن التابعين وابن عباس سعيد بن المسيب والشعبي ويوسف بن مهران ومجاهد والربيع بن أنس ومحمد بن كعب القرظي والكلبي وعلقمة ، وعن قال : سألت الأصمعي عن الذبيح فقال : يا أبا عمرو بن العلاء أين عزب عنك عقلك ، ومتى كان أصمعي إسحاق بمكة ؟ وإنما كان إسماعيل بمكة .
قال ابن كثير في تفسيره : وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق ، وحكي ذلك عن طائفة من السلف حتى يقال : عن بعض الصحابة وليس في ذلك كتاب ولا سنة ، وما أظن ذلك تلقي إلا عن أخبار أهل الكتاب ، وأخذ مسلما من غير حجة ، وكتاب الله شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل ، فإنه ذكر البشارة بالغلام الحليم ، وذكر أنه الذبيح ، وقال بعد ذلك وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين اهـ .
واحتج القائلون بأنه إسحاق بأن الله - عز وجل - قد أخبرهم عن إبراهيم حين فارق قومه ، فهاجر إلى الشام مع امرأته سارة وابن أخيه لوط فقال : إني ذاهب إلى ربي سيهدين أنه دعا فقال : رب هب لي من الصالحين فقال - تعالى - فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب [ مريم : 49 ] ولأن الله قال : وفديناه بذبح عظيم فذكر أنه في الغلام الحليم الذي بشر به إبراهيم ، وإنما بشر بإسحاق ، لأنه قال : وبشرناه بإسحاق وقال هنا بغلام حليم وذلك قبل أن يعرف هاجر ، وقبل أن يصير له إسماعيل ، وليس في القرآن أنه بشر بولد إلا إسحاق .
قال الله أعلم أيهما الذبيح . اهـ ، وما استدل به الفريقان يمكن الجواب عنه والمناقشة له . الزجاج
ومن جملة ما احتج به من قال إنه إسماعيل بأن الله وصفه بالصبر دون إسحاق كما في قوله : وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين [ الأنبياء : 85 ] وهو صبره على الذبح ، ووصفه بصدق الوعد في قوله : إنه كان صادق الوعد [ مريم : 54 ] لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح ، فوفى به ، ولأن الله - سبحانه - قال : وبشرناه بإسحاق نبيا فكيف يأمره بذبحه ، وقد وعده أن يكون نبيا ، وأيضا فإن الله قال : فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب [ هود : 71 ] فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب ، وأيضا ورد في الأخبار تعليق قرن الكبش في الكعبة ، فدل على أن الذبيح إسماعيل ، ولو كان إسحاق لكان الذبح واقعا ببيت المقدس وكل هذا أيضا يحتمل المناقشة فانظر ماذا ترى قرأ حمزة " تري " بضم الفوقية وكسر الراء ، والمفعولان محذوفان أي : انظر ماذا تريني إياه من صبرك واحتمالك . والكسائي
وقرأ الباقون من السبعة بفتح التاء والراء من الرأي ، وهو مضارع رأيت ، وقرأ الضحاك ، ، " ترى " بضم التاء وفتح الراء مبنيا للمفعول أي : ماذا يخيل إليك ويسنح لخاطرك . والأعمش
قال الفراء في بيان معنى القراءة الأولى : انظر ماذا ترى من صبرك وجزعك .
قال : لم يقل هذا أحد غيره ، وإنما قال العلماء ماذا تشير أي : ما تريك نفسك من الرأي ، وقال الزجاج أبو عبيد : إنما يكون هذا من رؤية العين خاصة وكذا قال أبو حاتم ، وغلطهما النحاس وقال : هذا يكون من رؤية العين وغيرها ، ومعنى القراءة الثانية ظاهر واضح ، وإنما شاوره ليعلم صبره لأمر الله ، وإلا فرؤيا الأنبياء وحي ، وامتثالها لازم لهم متحتم عليهم قال ياأبت افعل ما تؤمر أي : ما تؤمر به مما أوحي إليك من ذبحي ، و " ما " موصولة ، وقيل : مصدرية على معنى افعل أمرك ، والمصدر مضاف إلى المفعول ، وتسمية المأمور به أمرا ، والأول أولى ستجدني إن شاء الله من الصابرين على ما ابتلاني به من الذبح ، والتعليق بمشيئة الله - سبحانه - تبركا بها منه .
فلما أسلما أي : استسلما لأمر الله وأطاعاه وانقادا له .
قرأ الجمهور " أسلمنا " وقرأ علي وابن مسعود " فلما سلما " أي : فوضا أمرهما إلى الله ، وروي عن وابن عباس أنه قرأ " استسلما " قال ابن عباس قتادة : أسلم أحدهما نفسه لله ، وأسلم الآخر ابنه ، يقال : سلم لأمر الله وأسلم واستسلم بمعنى واحد .
وقد اختلف في جواب " لما " ماذا هو ؟ فقيل : هو محذوف ، وتقديره : ظهر صبرهما أو أجزلنا لهما أجرهما أو فديناه بكبش هكذا قال البصريون .
وقال الكوفيون : الجواب هو ناديناه ، والواو زائدة مقحمة ، واعترض عليهم النحاس بأن الواو من حروف المعاني ولا يجوز أن تزداد ، وقال الأخفش الجواب وتله للجبين والواو زائدة ، وروي هذا أيضا عن الكوفيين ، واعتراض النحاس يرد عليه كما ورد على الأول وتله للجبين التل : الصرع والدفع ، يقال : تللت الرجل : إذا ألقيته ، والمراد أنه أضجعه على جبينه على الأرض ، والجبين أحد جانبي الجبهة ، فللوجه جبينان والجبهة بينهما ، وقيل : كبه على وجهه كيلا يرى منه ما يؤثر الرقة لقلبه .
واختلف في الموضع الذي أراد ذبحه فيه ، فقيل : هو مكة في المقام ، وقيل : في المنحر بمنى عند الجمار ، وقيل : على الصخرة التي بأصل جبل ثبير ، وقيل : بالشام .
وناديناه أن ياإبراهيم قد صدقت الرؤيا أي : عزمت على الإتيان بما رأيته .
قال المفسرون : لما أضجعه للذبح نودي من الجبل يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا ، وجعله مصدقا بمجرد العزم ، [ ص: 1247 ] وإن لم يذبحه لأنه قد أتى بما أمكنه ، والمطلوب استسلامهما لأمر الله وقد فعلا .
قال القرطبي : قال أهل السنة إن نفس الذبح لم يقع ، ولو وقع لم يتصور رفعه ، فكان هذا من باب النسخ قبل الفعل ، لأنه لو حصل الفراغ من امتثال الأمر بالذبح ما تحقق الفداء . قال : ومعنى صدقت الرؤيا فعلت ما أمكنك ثم امتنعت لما منعناك ، هذا أصح ما قيل في هذا الباب .
وقالت طائفة : ليس هذا مما ينسخ بوجه ، لأن معنى ذبحت الشيء قطعته ، وقد كان إبراهيم يأخذ السكين فيمر بها على حلقه فتنقلب كما قال مجاهد .
وقال بعضهم : كان كلما قطع جزءا التأم وقالت طائفة منهم : ضرب الله على عنقه صفيحة نحاس ، فجعل السدي إبراهيم يحز ولا يقطع شيئا .
وقال بعضهم إن إبراهيم ما أمر بالذبح الحقيقي الذي هو فري الأوداج وإنهار الدم ، وإنما رأى أنه أضجعه للذبح ، فتوهم أنه أمر بالذبح الحقيقي فلما أتى بما به من الإضجاع قيل : له قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين أي : نجزيهم بالخلاص من الشدائد والسلامة من المحن ، فالجملة كالتعليل لما قبلها .
قال مقاتل : جزاه الله - سبحانه - بإحسانه في طاعته العفو عن ذبح ابنه .
إن هذا لهو البلاء المبين البلاء والابتلاء : الاختبار ، والمعنى : إن هذا هو الاختبار الظاهر حيث اختبره الله في طاعته بذبح ولده .
وقيل : المعنى : إن هذا لهو النعمة الظاهرة حيث سلم الله ولده من الذبح وفداه بالكبش ، يقال : أبلاه الله إبلاء وبلاء : إذا أنعم عليه : والأول أولى ، وإن كان الابتلاء يستعمل في الاختبار بالخير والشر ، ومنه ونبلوكم بالشر والخير فتنة [ الأنبياء : 35 ] ولكن المناسب للمقام المعنى الأول .
قال أبو زيد : هذا في البلاء الذي نزل به في أن يذبح ولده . قال : وهذا من البلاء المكروه .
وفديناه بذبح عظيم الذبح : اسم المذبوح وجمعه ذبوح كالطحن اسم للمطحون ، وبالفتح المصدر ، ومعنى ( عظيم ) : عظيم القدر ، ولم يرد عظم الجثة وإنما عظم قدره لأنه فدي به الذبيح ، أو لأنه متقبل .
قال النحاس : العظيم في اللغة يكون للكبير وللشريف ، وأهل التفسير على أنه هاهنا للشريف أي : المتقبل .
قال الواحدي : قال أكثر المفسرين : أنزل عليه كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا .
وقال الحسن : ما فدي إلا بتيس من الأروى أهبط عليه من ثبير فذبحه إبراهيم فداء عن ابنه .
قال : قد قيل : إنه فدي بوعل ، والوعل التيس الجبلي ، ومعنى الآية : جعلنا الذبح فداء له وخلصناه به من الذبح . الزجاج
وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم أي : في الأمم الآخرة التي تأتي بعده ، والسلام الثناء الجميل .
وقال عكرمة : سلام منا ، وقيل : سلامة من الآفات ، والكلام في هذا كالكلام في قوله : سلام على نوح في العالمين وقد تقدم في هذه السورة بيان معناه ، ووجه إعرابه .
كذلك نجزي المحسنين أي : مثل ذلك الجزاء العظيم نجزي من انقاد لأمر الله .
إنه من عبادنا المؤمنين أي : الذين أعطوا العبودية حقها ورسخوا في الإيمان بالله وتوحيده .
وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين أي : بشرنا إبراهيم بولد يولد له ويصير نبيا بعد أن يبلغ السن التي يتأهل فيها لذلك ، وانتصاب ( نبيا ) على الحال ، وهي حال مقدرة .
قال : إن كان الذبيح الزجاج إسحاق فيظهر كونها مقدرة والأولى أن يقال : إن من فسر الذبيح بإسحاق جعل البشارة هنا خاصة بنبوته .
وفي ذكر الصلاح بعد النبوة تعظيم لشأنه ، ولا حاجة إلى وجود المبشر به وقت البشارة ، فإن وجود ذي الحال ليس بشرط ، وإنما الشرط المقارنة للفعل ، ومن الصالحين كما يجوز أن يكون صفة ل : ( نبيا ) يجوز أن يكون حالا من الضمير المستتر فيه ، فتكون أحوالا متداخلة .
وباركنا عليه وعلى إسحاق أي : على إبراهيم وعلى إسحاق بمرادفة نعم الله عليهما ، وقيل : كثرنا ولدهما وقيل : إن الضمير في ( عليه ) يعود إلى إسماعيل وهو بعيد ، وقيل : المراد بالمباركة هنا : هي الثناء الحسن عليهما إلى يوم القيامة ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين أي : محسن في عمله بالإيمان والتوحيد ، وظالم لها بالكفر والمعاصي لما ذكر - سبحانه - البركة في الذرية بين أن كون الذرية من هذا العنصر الشريف والمحتد المبارك ليس بنافع لهم ، بل إنما ينتفعون بأعمالهم ، لا بآبائهم ، فإن اليهود والنصارى وإن كانوا من ولد إسحاق فقد صاروا إلى ما صاروا إليه من الضلال البين ، والعرب وإن كانوا من ولد إسماعيل فقد ماتوا على الشرك إلا من أنقذه الله بالإسلام .
وقد أخرج ، ابن جرير وابن المنذر ، عن في قوله : ابن عباس وجعلنا ذريته هم الباقين يقول : لم يبق إلا ذرية نوح وتركنا عليه في الآخرين يقول : يذكر بخير .
وأخرج الترمذي وحسنه ، ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سمرة بن جندب وجعلنا ذريته هم الباقين قال : حام وسام ويافث . عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في قوله :
وأخرج ابن سعد وأحمد ، وحسنه والترمذي وأبو يعلى ، وابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن سمرة أيضا أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : سام أبو العرب ، وحام أبو الحبش ، ويافث أبو الروم والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة ، وفي سماعه منه مقال معروف ، وقد قيل : إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط وما عداه فبواسطة .
قال : وقد روي عن ابن عبد البر عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مثله . عمران بن حصين
وأخرج البزار ، ، وابن أبي حاتم والخطيب في تالي التلخيص عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : أبي هريرة سام وحام ويافث ، فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم ، وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم ، وولد حام القبط والبربر والسودان وهو من حديث ولد نوح ثلاثة : عن إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عنه . سعيد بن المسيب
وأخرج ، ابن جرير وابن المنذر ، ، عن وابن أبي حاتم في قوله : ابن عباس وإن من شيعته لإبراهيم قال من أهل دينه . وأخرج في قوله : عبد بن حميد إني سقيم قال : مريض . [ ص: 1248 ] وأخرج عنه أيضا قال : مطعون . وأخرج ابن جرير ، ابن جرير وابن المنذر ، عنه أيضا في قوله : وابن أبي حاتم فأقبلوا إليه يزفون قال : يخرجون .
وأخرج ابن المنذر عنه أيضا في قوله : وقال إني ذاهب إلى ربي قال : حين هاجر .
وأخرج ، ابن جرير وابن المنذر ، ، عنه أيضا وابن أبي حاتم فلما بلغ معه السعي قال : العمل .
وأخرج عنه أيضا قال : لما أراد الطبراني إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني فاعتزل لا أضطرب فينتضح عليك دمي ، فشده فلما أخذ الشفرة وأراد أن يذبحه نودي من خلفه أن ياإبراهيم قد صدقت الرؤيا .
وأخرج أحمد عنه أيضا مرفوعا مثله مع زيادة وأخرجه عنه موقوفا .
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضا في قوله : وإن من شيعته لإبراهيم قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه فلما بلغ معه السعي قال شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل فلما أسلما سلما ما أمر به وتله وضع وجهه إلى الأرض ، فقال لا تذبحني وأنت تنظر عسى أن ترحمني ، فلا تجهز علي . وأن أجزع ، فأنكص ، فأمتنع منك ، ولكن اربط يدي إلى رقبتي ، ثم ضع وجهي إلى الأرض ، فلما أدخل يده ليذبحه فلم تحل المدية حتى نودي : أن ياإبراهيم قد صدقت الرؤيا فأمسك يده ، قوله : وفديناه بذبح عظيم بكبش عظيم متقبل ، وزعم أن الذبح ابن عباس إسماعيل .
وأخرج عنه أيضا قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ابن أبي حاتم وأخرجه رؤيا الأنبياء وحي وغيره من قول البخاري واستدل بهذه الآية . عبيد بن عمير
وأخرج ابن جرير والحاكم من طريق عن عطاء بن أبي رباح قال : المفدي ابن عباس إسماعيل ، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود .
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة ، وابن جرير وابن المنذر ، ، من طريق وابن أبي حاتم عن الشعبي قال : الذبيح ابن عباس إسماعيل .
وأخرج ، سعيد بن منصور وابن المنذر ، ، من طريق وابن أبي حاتم مجاهد عن ويوسف بن ماهك قال : الذبيح ابن عباس إسماعيل .
وأخرج ، عبد بن حميد من طريق وابن جرير يوسف بن ماهك وأبي الطفيل عن قال : الذبيح ابن عباس إسماعيل .
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير وابن المنذر ، والحاكم وصححه عن في قوله : ابن عمر وفديناه بذبح عظيم قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش .
وأخرج من طريق عبد بن حميد الشاعر قال : رأيت الفرزدق يخطب على منبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ويقول : إن الذي أمر بذبحه أبا هريرة إسماعيل .
وأخرج البزار ، ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم والحاكم ، وابن مردويه عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : العباس بن عبد المطلب قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فاجعلني رابعا ، قال : إن إبراهيم ألقي في النار فصبر من أجلي ، وإن إسحاق جاد لي بنفسه ، وإن يعقوب غاب عنه يوسف ، وتلك بلية لم تنلك وفي إسناده الحسن بن دينار البصري ، وهو متروك عن وهو ضعيف . علي بن زيد بن جدعان
وأخرج الديلمي عن مرفوعا نحوه . أبي سعيد الخدري
وأخرج في الأفراد الدارقطني والديلمي عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ابن مسعود الذبيح إسحاق .
وأخرج ، ابن جرير وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال الذبيح إسحاق .
وأخرج ابن مردويه عن مرفوعا مثله . أبي هريرة
وأخرج ابن مردويه عن بهار وكانت له صحبة ، قال : إسحاق ذبيح الله .
وأخرج ، الطبراني وابن مردويه عن قال ابن مسعود يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله . سئل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من أكرم الناس ؟ قال :
وأخرج ، عبد الرزاق ، والحاكم وصححه عن قال : الذبيح ابن مسعود إسحاق .
وأخرج عبد بن حميد في تاريخه ، والبخاري ، وابن جرير وابن المنذر ، ، وابن أبي حاتم وابن مردويه عن قال : الذبيح العباس بن عبد المطلب إسحاق .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والحاكم من طريق عن سعيد بن جبير قال : الذبيح ابن عباس إسحاق .
وأخرج عن ابن جرير في قوله : ابن عباس وتله للجبين قال : أكبه على وجهه .
وأخرج ابن المنذر ، ، عنه قال : صرعه للذبح . وابن أبي حاتم
وأخرج ، ابن جرير ، وابن أبي حاتم وابن مردويه عن في قوله : علي بن أبي طالب وفديناه بذبح عظيم قال : كبش أعين أبيض أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير .
وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير وابن المنذر ، ، عن وابن أبي حاتم في قوله : ابن عباس وفديناه بذبح عظيم قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا ، وأخرج عنه قال : فدي عبد بن حميد إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين .
وأخرج ، عبد الرزاق ، ، وابن جرير وابن المنذر ، ، والطبراني وابن مردويه عن أن رجلا قال : نذرت لأنحر نفسي ، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ، ثم تلا ابن عباس وفديناه بذبح عظيم ، فأمره بكبش فذبحه .
وأخرج من طريق أخرى عنه نحوه . الطبراني
وأخرج عنه أيضا في قوله : ابن جرير وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين قال : إنما بشر به نبيا حين فداه الله من الذبح ولم تكن البشارة بالنبوة عند مولده .
وبما سقناه من إسحاق أو إسماعيل ، وما استدل به المختلفون في ذلك تعلم أنه لم يكن في المقام ما يوجب القطع أو يتعين رجحانه تعينا ظاهرا ، وقد رجح كل قول طائفة من المحققين المنصفين الاختلاف في الذبيح هل هو فإنه رجح أنه كابن جرير إسحاق ، ولكنه لم يستدل على ذلك إلا ببعض مما سقناه هاهنا ، وكابن كثير فإنه رجح أنه إسماعيل ، وجعل الأدلة على ذلك أقوى وأصح ، وليس الأمر كما ذكره ، فإنها إن لم تكن دون أدلة القائلين بأن الذبيح إسحاق لم تكن فوقها ولا أرجح منها ، ولم يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في ذلك شيء ، وما روي عنه فهو إما موضوع أو ضعيف جدا ، ولم يبق إلا مجرد استنباطات من القرآن كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق ، وهي محتملة ولا تقوم حجة [ ص: 1249 ] بمحتمل ، فالوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته ، وفي السلامة من الترجيح ، بلا مرجح ، ومن الاستدلال بما هو محتمل .