قوله : بآياتنا الظاهر عدم تخصيص بعض الآيات دون بعض ، و سوف كلمة تذكر للتهديد ، قاله . وينوب عنها السين . وقد تقدم معنى نصلي في أول السورة . والمراد : سوف ندخلهم نارا عظيمة . وقرأ سيبويه حميد بن قيس ( نصليهم ) بفتح النون .
قوله : كلما نضجت جلودهم يقال : نضج الشيء نضجا ونضاجا ، ونضج اللحم ، وفلان نضج الرأي ; أي : محكمه . والمعنى : أنها كلما احترقت جلودهم بدلهم الله جلودا غيرها ; أي : أعطاهم مكان كل جلد محترق جلدا آخر غير محترق ، فإن ذلك أبلغ في العذاب للشخص ; لأن إحساسه لعمل النار في الجلد الذي لم يحترق أبلغ من إحساسه لعملها في الجلد المحترق ، وقيل : المراد بالجلود : السرابيل التي ذكرها في قوله : سرابيلهم من قطران [ إبراهيم : 50 ] ولا موجب لترك المعنى الحقيقي هاهنا ، وإن جاز إطلاق الجلود على السرابيل مجازا كما في قول الشاعر :
كسا اللؤم تيما خضرة في جلودها فويل لتيم من سرابيلها الخضر
وقيل : المعنى : أعدنا الجلد الأول جديدا ، ويأبى ذلك معنى التبديل . قوله : ليذوقوا العذاب أي : ليحصل لهم الذوق الكامل بذلك التبديل ، وقيل معناه : ليدوم لهم العذاب ولا ينقطع ، ثم أتبع وصف حال الكفار بوصف حال المؤمنين . وقد تقدم تفسير الجنات التي تجري من تحتها الأنهار .قوله : لهم فيها أزواج مطهرة أي : من الأدناس التي تكون في نساء الدنيا . والظل الظليل : الكثيف الذي لا يدخله ما يدخل ظل الدنيا من الحر والسموم ونحو ذلك ، وقيل : هو مجموع ظل الأشجار والقصور ، وقيل : الظل الظليل : هو الدائم الذي لا يزول ، واشتقاق الصفة من لفظ الموصوف للمبالغة كما يقال : ليل أليل .
وقد أخرج ابن جرير عن وابن أبي حاتم في قوله : [ ص: 308 ] ابن عمر كلما نضجت جلودهم قال : إذا احترقت جلودهم بدلناهم جلودا بيضاء أمثال القراطيس . وأخرج ابن أبي حاتم عنه بسند ضعيف قال : والطبراني عمر كلما نضجت جلودهم الآية ، فقال معاذ : عندي تفسيرها : تبدل في ساعة مائة مرة ، فقال عمر : هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وأخرجه قرئ عند أبو نعيم في الحلية وابن مردويه أن القائل كعب وأنه قال : تبدل في الساعة الواحدة عشرين ومائة مرة . وأخرج عن ابن أبي شيبة أن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا . وأخرج ابن مسعود عن ابن أبي حاتم في قوله : الربيع بن أنس ظلا ظليلا قال : هو ظل العرش الذي لا يزول .