ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم
الحب والمحبة ميل النفس إلى الشيء ، يقال : أحبه فهو محب ، وحبه يحبه بالكسر ، فهو محبوب . قال الجوهري : وهذا شاذ ، لأنه لا يأتي في المضاعف يفعل بالكسر .
قال ابن [ ص: 214 ] الدهان : في حب لغتان حب وأحب ، وأصل حب في هذا الباب حبب كطرق ، وقد فسرت المحبة لله سبحانه بإرادة طاعته . قال الأزهري : محبة العبد لله ورسوله طاعته لهما واتباعه أمرهما ، ومحبة الله للعباد إنعامه عليهم بالغفران . وقرأ فاتبعوني بفتح الباء . أبو رجاء العطاردي
وروي عن أنه أدغم الراء من يغفر في اللام . قال أبي عمرو بن العلاء النحاس : لا يجيز الخليل إدغام الراء في اللام ، وسيبويه وأبو عمرو أجل من أن يغلط في هذا ، ولعله كان يخفي الحركة كما يفعل أشياء كثيرة .
قوله : قل أطيعوا الله والرسول حذف المتعلق مشعر بالتعميم ، أي : في جمع الأوامر والنواهي .
قوله " فإن تولوا " يحتمل أن يكون من كلام الله تعالى فيكون ماضيا .
وقوله فإن الله لا يحب الكافرين نفي المحبة كناية عن البغض والسخط .
ووجه الإظهار في قوله : فإن الله مع كون المقام مقام إضمار لقصد التعظيم أو التعميم .
قوله : إن الله اصطفى آدم إلخ لما فرغ سبحانه من بيان أن الدين المرضي هو الإسلام ، وأن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم هو الرسول الذي لا يصح لأحد أن يحب الله إلا باتباعه ، وأن اختلاف أهل الكتابين فيه إنما هو لمجرد البغي عليه والحسد له ، شرع في تقرير رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين أنه من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة . والاصطفاء الاختيار .
قال : اختارهم بالنبوة على عالمي زمانهم ، وقيل : إن الكلام على تقدير مضاف ; أي : اصطفى دين الزجاج آدم إلخ ، وقد تقدم الكلام على تفسير العالمين ، وتخصيص آدم بالذكر ; لأنه أبو البشر ، وكذلك نوح فإنه آدم الثاني ، وأما آل إبراهيم فلكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم منهم مع كثرة الأنبياء منهم .
وأما آل عمران فهم وإن كانوا من آل إبراهيم ، فلما كان عيسى عليه السلام منهم كان لتخصيصهم بالذكر وجه . وقيل : المراد بآل إبراهيم إبراهيم نفسه ، وبآل عمران عمران نفسه .
قوله : ذرية بعضها من بعض نصب ذرية على البدلية مما قبله قاله ، أو على الحالية قاله الزجاج الأخفش ، وقد تقدم تفسير الذرية ، وبعضها من بعض في محل نصب على صفة الذرية ، ومعناه متناسلة متشعبة أو متناصرة متعاضدة في الدين .
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن وابن أبي حاتم الحسن من طرق قال : قال أقوام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : والله يا محمد إنا لنحب ربنا ، فأنزل الله قل إن كنتم تحبون الله الآية . وأخرج عن الحكيم الترمذي يحيى بن كثير نحوه . وأخرج أيضا ابن جرير وابن المنذر عن نحوه . وأخرج ابن جريج عن ابن جرير محمد بن جعفر بن الزبير في قوله قل إن كنتم تحبون الله أي : إن كان هذا من قولكم في عيسى حبا لله وتعظيما له فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم أي : ما مضى من كفركم والله غفور رحيم .
وأخرج عن ابن أبي حاتم في قوله : أبي الدرداء قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله قال : على البر والتقوى والتواضع وذلة النفس . وأخرجه أيضا الحكيم الترمذي وأبو نعيم والديلمي عنه . أخرج وابن عساكر مثله عن ابن عساكر عائشة . وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والحاكم عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قال الله تعالى الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء ، وأدناه أن يحب على شيء من الجور ويبغض على شيء من العدل ، وهل الدين إلا الحب والبغض في الله قل إن كنتم تحبون الله الآية .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن وابن أبي حاتم في قوله ابن عباس وآل إبراهيم وآل عمران قال : هم المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن وابن أبي حاتم قتادة في قوله ذرية بعضها من بعض قال : في النية والعمل والإخلاص والتوحيد .