( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ) المراد بالكفر هنا : الكفر بالله وبرسله ، ولا فرق فيه بين الكفر بجميع الرسل ، والكفر ببعض والإيمان ببعض ، كما تقدم في سورة النساء ; لأن الكفر بأي رسول منهم لا يكون - ممن يعقل معنى الرسالة - إلا عنادا واستكبارا عن طاعته تعالى كما بيناه في تفسير تلك الآية . وآيات الله تعالى قسمان : آياته المنزلة على رسوله ، وآياته التي أقامها في الأنفس والآفاق للدلالة على وحدانيته وكماله وتنزيهه ، وعلى صدق رسله فيما يبلغون عنه ، فهؤلاء الكفار المكذبون هم أصحاب الجحيم ; أي دار العذاب . والجحيم : النار العظيمة ، كما يؤخذ من قوله حكاية عن قوم إبراهيم صلى الله عليه وسلم ( قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم ) ومعلوم من الآيات الأخرى أنهم جعلوا في هذا البنيان نارا عظيمة ، وهذا هو الجزاء على الكفر والتكذيب بصرف النظر عن أعمال الكافرين المكذبين ، ولا ينفع مع مثل هذا الكفر والتكذيب عمل ، فإن إفساده للأرواح وتدسيته للنفوس لا يمحوها عمل آخر من أعمال الخير ( وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر )