مسألة
اشتهر على ألسنة العلماء عن رضي الله عنهما أنه استنبط من هذه الآية الكريمة : أن ابن عباس زمنا طويلا ، قال بعضهم : إلى شهر ، وقال بعضهم : إلى سنة ، وقال بعضهم عنه : له الاستثناء أبدا . ووجه أخذه ذلك من الآية : أن الله تعالى نهى نبيه أن يقول : إنه سيفعل شيئا في المستقبل إلا من الاستثناء بإن شاء الله ، ثم قال : الاستثناء يصح تأخيره عن المستثنى منه واذكر ربك إذا نسيت ; أي : إن نسيت تستثني بإن شاء الله فاستثن إذا تذكرت من غير تقييد باتصال ولا قرب .
والتحقيق الذي لا شك فيه أن ، وأن الاستثناء لا يصح إلا مقترنا بالمستثنى منه ، ولو كان الاستثناء المتأخر يصح لما علم في الدنيا أنه تقرر عقد ولا يمين ولا غير ذلك ، لاحتمال طرو الاستثناء بعد ذلك ، وهذا في غاية البطلان كما ترى . ويحكى عن الاستثناء المتأخر لا أثر له ولا تحل به اليمين المنصور أنه بلغه أن رحمه الله يخالف مذهب أبا حنيفة المذكور ; فاستحضره لينكر عليه ذلك ، فقال الإمام ابن عباس أبو حنيفة للمنصور : هذا يرجع عليك ! إنك تأخذ البيعة بالأيمان ، أفترضى أن يخرجوا من عندك فيستثنوا فيخرجوا عليك ! ؟ فاستحسن كلامه ورضي عنه .