قوله تعالى ذلك اليوم الحق
هو يوم القيامة لاسم الإشارة ، وقد أشير إليه بالاسم الخاص بالبعيد ذلك بدلا من هذا ، مع قرب التكلم عليه ; ولكن إما لبعده زمانيا عن زمن التحدث عنه ، وإما لبعد منزلته وعظم شأنه ، كقوله تعالى : الم ذلك الكتاب [ 2 \ 1 - 2 ] ، وفي هذا عود على بدء في أول السورة ، وهو إذا كانوا يتساءلون مستغربين أو منكرين ليوم القيامة ، فإنهم سيعلمون حقا ، وها هو اليوم الحق لا لبس فيه ولا شك ليرونه عين اليقين .
فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا . قوله تعالى :
المآب : المرجع ، كما تقدم مثله فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا [ 73 \ 19 ] ، فإذا كان هذا اليوم كائنا حقا ، والناس فيه إما إلى جهنم ، [ ص: 414 ] كانت مرصادا للطاغين مآبا [ 78 \ 21 - 22 ] ، وإما مفازا حدائق وأعنابا [ 78 \ 31 - 32 ] ، فبعد هذا البيان : فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا ، يؤوب به عند ربه مآبا يرضاه لنفسه ، و من شاء هنا نص في التخيير ، ولكن المقام ليس مقام تخيير ، وإنما هو بمثابة قوله تعالى : فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا الآية [ 18 \ 29 ] .
فهو إلى التهديد أقرب ، كما أن فيه اعتبار مشيئة العبد فيما يسلك . والله تعالى أعلم .
ويدل على التهديد ما جاء بعده .