قوله تعالى : إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون
وصف الله تعالى من استثناهم من الإنسان الهلوع بتسع صفات :
[ ص: 269 ] اثنتان منها تختص بالصلاة ، وهما الأولى والأخيرة ; مما يدل على ، ووجوب شدة الاهتمام بها . وهذا من المسلمات في الدين ; لمكانتها من الإسلام ، وفي وصفهم هنا بأنهم : ( على صلاتهم دائمون ) ، وفي الأخير : ( على صلاتهم يحافظون ) [ 70 \ 34 ] . أهمية الصلاة
قال في الكشاف : الدوام عليها المواظبة على أدائها لا يخلون بها ، ولا يشتغلون عنها بشيء من الشواغل .
وذكر حديث عائشة مرفوعا : " أحب الأعمال إلى الله أدومها ولو قل " .
ويشهد لهذا الذي قاله قوله تعالى : في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما [ 24 \ 36 - 37 ] ، وقوله : ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع [ 62 \ 9 ] .
قال : والمحافظة عليها أن يراعوا إسباغ الوضوء لها ومواقيتها ، ويقيموا أركانها ويكملوها بسننها وآدابها ، وهذا يشهد له قوله تعالى : قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون [ 23 \ 1 - 2 ] .
وحديث المسيء صلاته ، حيث قال له - صلى الله عليه وسلم - : " " ، فنفى عنه أنه صلى مع إيقاعه الصلاة أمامه ; وذلك لعدم الحفاظ عليها بتوفيتها حقها . ارجع فصل ; فإنك لم تصل
وقد بدأ الله أولئك المستثنين وختمهم بالصلاة ، مما يفيد أن الصلاة أصل لكل خير ، ومبدأ لهذا المذكور كله ; لقوله تعالى : واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين [ 2 \ 45 ] ، فهي عون على كل خير .
ولقوله تعالى : إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر [ 29 \ 45 ] ، فهي سياج من كل منكر ، فجمعت طرفي المقصد شرعا ، وهما العون على الخير والحفاظ من الشر ، أي : جلب المصالح ودرء المفاسد ; ولذا فقد عني بها النبي - صلى الله عليه وسلم - كل عنايتها ، كما هو معلوم ، إلى الحد الذي جعلها الفارق والفيصل بين الإسلام والكفر في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " " . العهد الذي بيننا [ ص: 270 ] وبينهم الصلاة ، من ترك الصلاة فقد كفر
واتفق الأئمة - رحمهم الله - على قتل تاركها . وكلام العلماء على أثر الصلاة على قلب المؤمن وروحه وشعوره ، وما تكسبه من طمأنينة وارتياح ، كلام كثير جدا توحي به كله معاني سورة ( الفاتحة ) .