[ ص: 124 ] قوله تعالى : ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ) الآية [ 67 ] .
485 - قال مجاهد : يرى الرأي فيوافق رأيه ما يجيء من السماء ، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استشار في أسارى عمر بن الخطاب بدر ، فقال المسلمون : بنو عمك افدهم ، قال عمر : لا يا رسول الله ، اقتلهم ، قال : فنزلت هذه الآية : ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى ) . كان
486 - وقال : ابن عمر استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأسارى أبا بكر فقال : قومك وعشيرتك ، خل سبيلهم . واستشار عمر فقال : اقتلهم ، ففاداهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى : ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ) إلى قوله تعالى : ( فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا ) قال : فلقي النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر فقال : كاد أن يصيبنا في خلافك بلاء .
487 - أخبرنا قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحيري قال : حدثنا حاجب بن أحمد محمد بن حماد قال : حدثنا أبو معاوية ، عن ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة أبي عبيدة ، عن عبد الله قال : بدر وجيء بالأسرى ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما تقولون في هؤلاء الأسرى ؟ " فقال أبو بكر : يا رسول الله ، قومك وأهلك ، استبقهم ، واستأن بهم ، لعل الله عز وجل [ أن ] يتوب عليهم ، وقال عمر : كذبوك وأخرجوك ، فقدمهم فاضرب أعناقهم ، وقال : يا رسول الله ، انظر واديا كثير الحطب فأدخلهم فيه ، ثم أضرم عليهم نارا ، فقال عبد الله بن رواحة العباس : قطعت رحمك . فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يجبهم ، ثم دخل ، فقال ناس : يأخذ بقول أبي بكر ، وقال ناس : يأخذ بقول عمر ، وقال ناس : يأخذ بقول عبد الله ، ثم خرج عليهم ، فقال : " إن الله عز وجل ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن ، وإن الله عز وجل ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة ، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم قال : ( فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم ) وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) وإن مثلك يا عمر كمثل موسى ، قال : ( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم . . . ) وإن مثلك يا عمر كمثل نوح قال : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) " ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أنتم اليوم عالة ، أنتم اليوم عالة ، فلا ينقلبن منهم أحد إلا بفداء أو ضرب عنق . قال : فأنزل الله عز وجل : ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ) إلى آخر الآيات الثلاث . لما كان يوم
488 - أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل قال : أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال : حدثنا قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدثنا أبو نوح قراد قال : حدثنا عكرمة بن عمار قال : حدثني سماك الحنفي أبو زميل ابن [ ص: 125 ] عباس قال : حدثني قال : عمر بن الخطاب بدر والتقوا ، فهزم الله المشركين ، وقتل منهم سبعون رجلا وأسر [ منهم ] سبعون رجلا - استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر ، وعمر ، وعليا ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ، هؤلاء بنو العم ، والعشيرة ، والإخوان ، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية ، فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار ، وعسى الله أن يهديهم [ للإسلام ] ، فيكونوا لنا عضدا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما ترى يا ابن الخطاب ؟ " ، قال : قلت والله ما أرى ما رأى أبو بكر ، ولكن أن تمكنني من فلان - قريب لعمر - فأضرب عنقه ، وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه ، وتمكن حمزة من فلان - أخيه - فيضرب عنقه حتى يعلم الله عز وجل أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين ، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم . فهوي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلت ، فأخذ منهم الفداء . فلما كان من الغد قال عمر : غدوت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو قاعد وإذا هما يبكيان ، فقلت : يا رسول الله ، أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت [ لبكائكما ] ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أبكي للذي عرض علي أصحابك من الفداء ، لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة " - لشجرة قريبة - وأنزل الله عز وجل : ( وأبو بكر الصديق ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ) إلى قوله : ( لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم ) من الفداء ( عذاب عظيم ) رواه لما كان يوم مسلم في الصحيح عن ، عن هناد بن السري ، عن ابن المبارك . عكرمة بن عمار