( والكاظمين الغيظ ) أي الممسكين ما في أنفسهم من الغيظ بالصبر ، ولا يظهر له أثر ، والغيظ : أصل الغضب ، وكثيرا ما يتلازمان ؛ ولذلك فسره بعضهم هنا بالغضب .
والغيظ فعل نفساني لا يظهر على الجوارح ، والغضب فعل لها معه ظهور في الجوارح ، وفعل ما ولا بد ؛ ولذلك أسند إلى الله تعالى ؛ إذ هو عبارة عن أفعاله في المغضوب عليهم ، ولا يسند الغيظ إليه تعالى . ووردت أحاديث في كظم الغيظ وهو من أعظم العبادة ، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - : " من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأه الله أمنا وإيمانا " وعنه - عليه السلام - : " " وعن ما من جرعة يتجرعها العبد خير له وأعظم أجرا من جرعة غيظ في الله عائشة أن خادما لها غاظها ، فقالت : لله در التقوى ، ما تركت لذي غيظ شفاء . وقال مقاتل : بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في هذه الآية : " إن هذه في أمتي لقليل ، وقد كانوا أكثر في الأمم الماضية " . وأنشد أبو القاسم بن حبيب :
وإذا غضبت فكن وقورا كاظما للغيظ تبصر ما تقول وتسمع فكفى به شرفا تصبر ساعة
يرضى بها عنك الإله ويدفع
( والله يحب المحسنين ) الألف واللام للجنس ، فيتناول كل محسن . أو للعهد فيكون ذلك إشارة إلى من تقدم ذكره من المتصفين بتلك الأوصاف . والأظهر الأول ، فيعم هؤلاء وغيرهم . وهذه الآية في [ ص: 59 ] المندوب إليه . ألا ترى إلى حديث جبريل - عليه السلام - : " ؟ " فبين له العقائد " ما الإيمان ما الإسلام " ؟ فبين له الفرائض . " ؟ " قال : " ما الإحسان " والمعنى أن الله يحب المحسنين ، وهم الذين يوقعون الأعمال الصالحة ، مراقبين الله كأنهم مشاهدوه . وقال أن تعبد الله كأنك تراه الحسن : الإحسان أن تعم ولا تخص ، كالريح والمطر والشمس والقمر . وقال : الإحسان أن تحسن إلى المسيء ، فإن الإحسان إليه مناجزة ، كنقد السوق ، خذ مني وهات . الثوري