جريء متى يظلم يعاقب بظلمه سريعا وإن لا يبد بالظلم يظلم
ثم ذكر تعالى أنه يعلم ما لا يعلمون ؛ حيث شرع القتال ، فهو تعالى عالم بما يترتب لكم من المصالح الدينية والدنيوية على مشروعية القتال . ثم ذكر تعالى أنهم سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القتال في الشهر الحرام ؛ لما كان وقع ذلك منهم ، لا على سبيل القصد ، بل على سبيل الظن أن الزمان الذي وقع فيه ليس هو من الشهر الحرام ، فأخبروا أن ذلك هو إثم كبير ؛ إذ كانت العادة أن الأشهر الحرم لا قتال فيها . ثم ذكر أن أكبر من ذلك هو ما يرتكبه الكفار من صد المسلمين عن سبيل الله ، ومن الكفر بالله ، وبالمسجد الحرام ، ومن إخراج أهله منه . ثم ذكر تعالى أن الفتنة أكبر من القتل ، وهو فتنة الرجل المسلم عن دينه ، أكبر من قتله وهو على دينه ؛ لأن تلك الفتنة تؤول به إلى النار ، وقتله هذا يؤول به إلى الجنة . ثم أخبر تعالى عن دوام عداء عداوة الكفار ، وأن مقصدهم إنما هو فتنتكم عن دينكم ، ورجوعكم إلى ما هم عليه من الضلال ، وأنه متى أمكنهم ذلك وقدروا عليه قاتلوكم . ثم أخبر تعالى أن من رجع عن دينه الحق إلى دينه الباطل ، ووافى على ذلك ؛ فجميع ما تقدم من أعماله الصالحات قد بطلت في الدنيا بإلحاقه بالكفار ، وإجراء أحكام المرتدين عليه ، وفي الآخرة ؛ فلا يبقى لها ثمرة يرتجي بها غفرانا لما اجترح ، بل مآله إلى النار خالدا فيها . ثم لما ذكر حال المرتد عن دينه ، ذكر حال من آمن [ ص: 154 ] بالله وثبت على إيمانه ، وهاجر من وطنه - الذي هو محل الكفر - إلى دار الإسلام ، ثم جاهد في سبيل الله من كفر بالله ، وأنه طامع في رحمة الله . ثم ذكر تعالى أنه غفور لما وقع منه قبل الإيمان ، ولما يتخلل في حالة الإيمان من بعض المخالفة ، وأنه رحيم له ؛ فهو يحقق له ما طمع فيه من رحمته .