الجدال ، فعال مصدر جادل ، وهي المخاصمة الشديدة ، مشتق ذلك من الجدالة ، وهي الأرض . كان كل واحد من الخصمين يقاوم صاحبه حتى يغلبه ، فيكون كمن ضرب به الجدالة ، ومنه قول الشاعر :
قد أنزل الآلة بعد الآله وأنزل العاجز بالجداله
أي : بالأرض ، وقيل : اشتق ذلك من الجدل وهو الفتل ، ومنه قيل : زمام مجدول ، وقيل : له جديل لفتله ، وقيل للصقر : الأجدل لشدته واجتماع خلقه ، كأن بعضه فتل في بعض فقوي .
( الزاد ) معروف ، وهو ما يستصحبه الإنسان للسفر من مأكول ومشروب ، ومركوب ، وملبوس ، إن احتاج إلى ذلك ، وألفه منقلبة عن واو ، يدل على ذلك قولهم : تزود ، تفعل من الزاد .
الإفاضة : الانخراط والاندفاع والخروج من المكان بكثرة ، شبه بفيض الماء والدمع ، فأفاض من الفيض لا من فوض ، وهو اختلاط الناس بلا سايس يسوسهم ، وأفعل هذا بمعنى المجرد ، وليست الهمزة للتعدية : لأنه لا يحفظ أفضت زيدا ، بهذا المعنى الذي شرحناه ، وإن كان يجوز في فاض الدمع أن يعدى بالهمزة ، فتقول : أفاض الحزن ، أي : جعله يفيض . وزعم ، وتبعه الزجاج ، وصاحب ( المنتخب ) أن الهمزة في ( الزمخشري أفاض الناس ) للتعدية ، قال : وأصله أفضتم أنفسكم ، وشرحه صاحب ( المنتخب ) بالاندفاع في السير بكثرة ، وكان ينبغي أن يشرحه بلفظ متعدد . قال معناه : دفع بعضكم بعضا ، قال : لأن الناس إذا انصرفوا مزدحمين دفع بعضهم بعضا ، وقيل : الإفاضة الرجوع من حيث بدأتم ، وقيل : السير السريع ، وقيل : التفرق بكثرة ، وقيل : الدفع بكثرة ، ويقال : رجل فياض أي مندفق بالعطاء ، وقيل : الانصراف ، من قولهم أفاض بالقداح ، وعلى القداح ، وهي سهام الميسر ، وأفاض البعير بجرانه .
( عرفات ) علم على الجبل الذي يقفون عليه في الحج ، فقيل : ليس بمشتق ، وقيل : هو مشتق من المعرفة ، وذلك سبب تسميته بهذا الاسم . وفي تعيين المعرفة أقاويل ، فقيل : لمعرفة إبراهيم بهذه البقعة إذ كانت قد نعتت له قبل ذلك ، وقيل : لمعرفته بهاجر وإسماعيل بهذه البقعة ، وكانت سارة قد أخرجت إسماعيل في غيبة إبراهيم ، فانطلق في طلبه حين فقده ، فوجده وأمه بعرفات ، وقيل : لمعرفته في ليلة عرفة أن الرؤيا التي رآها ليلة يوم التروية بذبح ولده كانت من الله ، وقيل : لما أتى جبريل على آخر المشاعر في توقيفه لإبراهيم عليها ، قال له : أعرفت ؟ قال : عرفت ، فسميت عرفة ، وقيل : لأن الناس يتعارفون بها ، وقيل : لتعارف آدم وحواء بها : لأن هبوطه كان بوادي سرنديب ، وهبوطها كان بجدة ، وأمره الله ببناء الكعبة ، فجاء ممتثلا ، فتعارفا بهذه البقعة . وقيل : من العرف ، وهو الرائحة الطيبة ، وقيل : من العرف ، وهو الصبر ، وقيل : العرب تسمي ما علا عرفات وعرفة ، ومنه عرف الديك لعلوه ، وعرفات مرتفع على جميع جبال الحجاز ، وعرفات وإن كان اسم جبل فهو مؤنث ، حكى : هذه سيبويه عرفات مباركا فيها ، وهي مرادفة لعرفة ، وقيل : إنها جمع ، فإن عنى في الأصل فصحيح ، وإن عنى حالة كونها علما فليس بصحيح : لأن الجمعية تنافي العلمية . وقال قوم : عرفة اسم اليوم ، وعرفات اسم البقعة .
والتنوين في " عرفات " ونحوه تنوين مقابلة ، وقيل : تنوين صرف ، واعتذر عن كونه منصرفا مع التأنيث والعلمية ، بأن التأنيث إنما هي مع الألف التي قبلها علامة جمع المؤنث ، وإن كان بالتقدير كسعاد ، فلا يصح تقديرها في " عرفات " ؛ لأن هذه التاء لاختصاصها بجمع المؤنث مانعة من تقديرها كما تقدر تاء التأنيث في بنت ؛ لأن التاء التي هي بدل من الواو لاختصاصها بالمؤنث كتاء التأنيث ، فأنث [ ص: 84 ] تقديرها . انتهى هذا التعليل ، وأكثره ، وأجراه في القرآن مجرى ما لم يسم فاعله من إبقاء التنوين في الجر ، ويجوز حذفه حالة التسمية ، وحكى للزمخشري الكوفيون والأخفش إجراء ذلك وما أشبهه مجرى فاطمة ، وأنشدوا بيت امرئ القيس :
تنورتها من أذرعات وأهلها بيثرب أدنى دارها نظر عالي
بالفتح .
النصيب : الحظ ، وجمعه على أفعلاء شاذ : لأنه اسم ، قالوا : أنصباء ، وقياسه فعل ، نحو كثيب وكثب .
( سريع ) : اسم فاعل من سرع يسرع سرعة فهو سريع ، ويقال : أسرع وكلاهما لازم .
( الحساب ) : مصدر حاسب ، وقال أحمد بن يحيى : حسبت الحساب أحسبه حسبا وحسبانا ، والحساب الاسم ، وقيل : الحساب مصدر حسب الشيء ، والحساب في اللغة هو العد . وقال الليث بن المظفر ، ويعقوب : حسب يحسب حسبانا وحسابة وحسبة وحسبا ، وأنشد :
وأسرعت حسبة في ذلك العدد
ومنه حسب الرجل ، وهو ما عده من مآثره ومفاخره ، والإحساب : الاعتداد بالشيء . وقال : الحساب في اللغة مأخوذ من قولك حسبك كذا ، أي : كفاك ، فسمي الحساب من المعاملات حسابا : لأنه يعلم ما فيه كفاية ، وليس فيه زيادة ولا نقصان . الزجاج