واختلفوا في الأضحى ، فقال مالك ، ، والشافعي وأحمد ، وأبو يوسف ، ومحمد : الفطر والأضحى سواء في ذلك ، وبه قال ، ابن المسيب وأبو سلمة ، وعروة ، وقال أبو حنيفة : يكبر في الأضحى ولا يكبر في الفطر .
وكيفيته عند الجمهور : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، ثلاثا ، وهو مروي عن جابر ، وقيل : يكبر ويهلل ويسبح أثناء التكبير ، ومنهم من يقول : الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا . وكان يقول : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، والله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا . وقال ابن المبارك ابن المنذر : كان مالك لا يجد فيه حدا ، وقال ابن العربي : اختار علماؤنا التكبير المطلق وهو ظاهر الكتاب ، وقال أحمد : كل واسع ، وحجج هذه الأقاويل في كتب الفقه . ورجح في ( المنتخب ) أن إكمال العدة هو في صوم رمضان ، وأن تكبير الله هو عند الانقضاء على ما هدى إلى هذه الطاعة ، وليس بمعنى التعظيم . قال : لأن تكبير الله بمعنى تعظيمه هو واجب في جميع الأوقات وفي كل الطاعات ، فلا معنى للتخصيص ، انتهى . و " على " ، تتعلق " بتكبروا " وفيها إشعار بالعلية ، كما تقول أشكرك على ما أسديت إلي .
قال : وإنما عدى فعل التكبير بحرف الاستعلاء لكونه مضمنا معنى الحمد ، كأنه قيل : ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم ، انتهى كلامه . وقوله كأنه قيل : ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم ، هو تفسير معنى لا تفسير إعراب ، إذ لو كان تفسير إعراب لم تكن " على " متعلقا بتكبروا المضمنة معنى الحمد ، إنما كانت تكون متعلقة بحامدين التي قدرها ، والتقدير الإعرابي هو أن تقول : كأنه قيل ولتحمدوا الله بالتكبير على ما هداكم ، كما قدر الناس في قولهم : قتل الله زيادا أعني أي : صرف الله زيادا عني بالقتل ، وفي قول الشاعر : الزمخشري
ويركب يوم الروع فينا فوارس بصيرون في طعن الأباهر والكلى
أي : تحكمون بالبصيرة في طعن الأباهر ، والظاهر في " ما " أنها مصدرية أي : على هدايتكم ، وجوزوا أن تكون " ما " بمعنى الذي ، وفيه بعد : لأنه يحتاج إلى حذفين أحدهما : حذف العائد على " ما " أي : على الذي هداكموه ، وقدرناه منصوبا لا مجرورا بإلى ، ولا باللام ليكون حذفه أسهل من حذفه مجرورا . والثاني : حذف مضاف به يصح الكلام ، التقدير : على اتباع الذي هداكموه ، وما أشبه هذا التقدير مما يصح به [ ص: 45 ] معنى الكلام . والظاهر أن معنى : هداكم ، حصول الهداية لكم من غير تقييد ، وقيل : المعنى ، هدايتكم لما ضل فيه النصارى من تبديل صيامهم ، وإذا كانت بمعنى " الذي " ، فالمعنى على ما أرشدكم إليه من شريعة الإسلام .
( ولعلكم تشكرون ) ، هو ترج في حق البشر على نعمة الله في الهداية ، قاله ابن عطية ، فيكون الشكر على الهداية ، وقيل : المعنى تشكرون على ما أنعم به من ثواب طاعاتكم . وقال : ومعنى ( الزمخشري ولعلكم تشكرون ) ، وإرادة أن تشكروا ، فتأول الترجي من الله على معنى الإرادة ، وجعل ابن عطية الترجي من المخلوق ، إذ الترجي حقيقة يستحيل على الله ، فلذلك أوله بالإرادة ، وجعله الزمخشري ابن عطية من البشر ، والقولان متكافيان ، وإذا كان التكليف شاقا ناسب أن يعقب بترجي التقوى ، وإذا كان تيسيرا ورخصة ناسب أن يعقب بترجي الشكر ، فلذلك ختمت هذه الآية بقوله : ( ولعلكم تشكرون ) : لأن قبله ترخيص للمريض والمسافر بالفطر ، وقوله : ( يريد الله بكم اليسر ) ، وجاء عقيب قوله : ( كتب عليكم الصيام ، لعلكم تتقون ) ، وقبله ( ولكم في القصاص حياة ) ، ثم قال : ( لعلكم تتقون ) : لأن الصيام والقصاص من أشق التكاليف ، وكذا يجيء أسلوب القرآن فيما هو شاق ، وفيما فيه ترخيص أو ترقية ، فينبغي أن يلحظ ذلك حيث جاء فإنه من محاسن علم البيان .