تستر غزوة
قال الوليد بن هشام القحذمي ، عن أبيه وعمه أن أبا موسى لما فرغ من الأهواز ، ونهر تيرى ، وجنديسابور ، ورامهرمز ، توجه إلى تستر فنزل باب الشرقي ، وكتب يستمد عمر ، فكتب إلى أن أمده ، فكتب إلى عمار بن ياسر جرير وهو بحلوان أن سر إلى أبي موسى ، فسار في ألف فأقاموا شهرا ، ثم كتب أبو موسى إلى عمر : إنهم لم يغنوا [ ص: 124 ] شيئا . فكتب عمر إلى عمار أن سر بنفسك ، وأمده عمر من المدينة .
وعن عبد الرحمن بن أبي بكر ، قال : أقاموا سنة أو نحوها ، فجاء رجل من تستر فقال لأبي موسى : أسألك أن تحقن دمي وأهل بيتي ومالي ، على أن أدلك على المدخل ، فأعطاه ، قال : فابغني إنسانا سابحا ذا عقل يأتيك بأمر بين ، فأرسل معه مجزأة بن ثور السدوسي ، فأدخل من مدخل الماء ينبطح على بطنه أحيانا ويحبو حتى دخل المدينة وعرف طرقها ، وأراه العلج الهرمزان صاحبها ، فهم بقتله ثم ذكر قول أبي موسى : " لا تسبقني بأمر " ورجع إلى أبي موسى ، ثم إنه دخل بخمسة وثلاثين رجلا كأنهم البط يسبحون ، وطلعوا إلى السور وكبروا ، واقتتلوا هم ومن عندهم على السور ، فقتل مجزأة وفتح أولئك البلد ، فتحصن الهرمزان في برج .
وقال قتادة : عن أنس : لم نصل يومئذ الغداة حتى انتصف النهار فما يسرني بتلك الصلاة الدنيا كلها .
وقال ابن سيرين : قتل يومئذ . البراء بن مالك
وقيل : تستر عبد الله بن مغفل المزني . أول من دخل
وعن الحسن ، قال : حوصرت تستر سنتين .
وعن الشعبي ، قال : حاصرهم أبو موسى ثمانية عشر شهرا ، ثم نزل الهرمزان على حكم عمر .
فقال حميد ، عن أنس : نزل الهرمزان على حكم عمر . فلما انتهينا إليه - يعني إلى عمر - بالهرمزان قال : تكلم ، قال : كلام حي أو كلام [ ص: 125 ] ميت ؟ قال : تكلم فلا بأس ، قال : إنا وإياكم معشر العرب ما خلى الله بيننا وبينكم ، كنا نغصبكم ونقتلكم ونفعل ، فلما كان الله معكم لم تكن لنا بكم يدان . قال : يا أنس ما تقول ؟ قلت : يا أمير المؤمنين تركت بعدي عددا كثيرا وشوكة شديدة ، فإن تقتله ييأس القوم من الحياة ويكون أشد لشوكتهم ، قال : فأنا أستحيي قاتل البراء ومجزأة بن ثور ؟ فلما أحسست بقتله قلت : ليس إلى قتله سبيل ، قد قلت له : تكلم فلا بأس ، قال : لتأتيني بمن يشهد به غيرك ، فلقيت الزبير فشهد معي ، فأمسك عنه عمر ، وأسلم الهرمزان ، وفرض له عمر ، وأقام بالمدينة . وفيها هلك هرقل عظيم الروم ، وهو الذي كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام ، وقام بعده ابنه قسطنطين .
وفيها قسم عمر خيبر وأجلى عنها اليهود ، وقسم وادي القرى ، وأجلى يهود نجران إلى الكوفة . قاله محمد بن جرير الطبري .