القادسية وقعة
كانت وقعة القادسية بالعراق في آخر السنة فيما بلغنا ، وكان على الناس ، وعلى المشركين سعد بن أبي وقاص رستم ومعه الجالينوس وذو الحاجب .
قال أبو وائل : كان المسلمون ما بين السبعة إلى الثمانية آلاف ، ورستم في ستين ألفا ، وقيل : كانوا أربعين ألفا ، وكان معهم سبعون فيلا .
وذكر المدائني أنهم اقتتلوا قتالا شديدا ثلاثة أيام في آخر شوال ، وقيل : في رمضان ، فقتل رستم وانهزموا ، وقيل : إن رستم مات عطشا ، وتبعهم المسلمون ، فقتل جالينوس وذو الحاجب ، وقتلوهم ما بين الخرار إلى [ ص: 110 ] السيلحين إلى النجف ، حتى ألجئوهم إلى المدائن ، فحصروهم بها حتى أكلوا الكلاب ، ثم خرجوا على حامية بعيالهم ، فساروا حتى نزلوا جلولاء .
قال أبو وائل : اتبعناهم إلى الفرات فهزمهم الله ، واتبعناهم إلى الصراة فهزمهم الله ، فألجأناهم إلى المدائن .
وعن أبي وائل قال : رأيتني أعبر الخندق مشيا على الرجال ، قتل بعضهم بعضا .
وعن حبيب بن صهبان قال : أصبنا يومئذ من آنية الذهب حتى جعل الرجل يقول : صفراء ببيضاء ، يعني ذهبا بفضة .
وقال المدائني : ثم سار سعد من القادسية يتبعهم . فأتاه أهل الحيرة فقالوا : نحن على عهدنا . وأتاه بسطام فصالحه ، وقطع سعد الفرات ، فلقي جمعا عليهم بصبهرا ، فقتله زهرة بن حوية ، ثم لقوا جمعا بكوثا عليهم الفيرزان فهزموهم ، ثم لقوا جمعا كثيرا بدير كعب عليهم الفرخان فهزموهم ، ثم سار سعد بالناس حتى نزل المدائن فافتتحها .
وأما محمد بن جرير فإنه ذكر القادسية في سنة أربع عشرة ، وذكر أن في سنة خمس عشرة مصر سعد الكوفة ، وأن فيها فرض عمر الفروض ودون الدواوين ، وأعطى العطاء على السابقة .
[ ص: 111 ] قال : ولما فتح الله على المسلمين غنائم رستم ، وقدمت على عمر الفتوح من الشام والعراق جمع المسلمين ، فقال : ما يحل للوالي من هذا المال ؟ قالوا : أما لخاصته فقوته وقوت عياله ، لا وكس ولا شطط ، وكسوته وكسوتهم ، ودابتان لجهاده وحوائجه ، وحمالته إلى حجه وعمرته ، والقسم بالسوية أن يعطي أهل البلاء على قدر بلائهم ، ويرم أمور المسلمين ويتعاهدهم ، وفي القوم علي رضي الله عنه ساكت ، فقال : ما تقول يا أبا الحسن ؟ فقال : ما أصلحك وأصلح عيالك بالمعروف .
وقيل : إن عمر قعد على رزق أبي بكر حتى اشتدت حاجته ، فأرادوا أن يزيدوه فأبى عليهم .
وكان عماله في هذه السنة أي : عتاب بن أسيد ، كذا قال ابن جرير ، وقد قدمنا موت عتاب ، قال : وعلى الطائف ، وعلى يعلى بن منية الكوفة سعد ، وعلى قضائها أبو قرة ، وعلى البصرة المغيرة بن شعبة ، وعلى اليمامة والبحرين عثمان بن أبي العاص ، وعلى عمان حذيفة بن محصن ، وعلى ثغور الشام أبو عبيدة بن الجراح .