الحسن ( س )
ابن سبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السيد أبي محمد الحسن ابن أمير المؤمنين ، أبي الحسن علي بن أبي طالب ، الهاشمي ، العلوي ، المدني ، الإمام ، أبو محمد .
حدث عن أبيه ، ، وهو قليل الرواية والفتيا مع صدقه وجلالته . وعبد الله بن جعفر
حدث عنه ولده عبد الله ، وابن عمه الحسن بن محمد بن الحنفية ، ، وسهيل بن أبي صالح ، والوليد بن كثير ، وفضيل بن مرزوق وإسحاق بن يسار والد محمد ، وغيرهم .
ابن عجلان عن سهيل وسعيد مولى المهري ، عن حسن بن حسن بن علي أنه رأى رجلا وقف على البيت الذي فيه قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو له ويصلي عليه ، [ ص: 484 ] فقال للرجل : لا تفعل ; فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : . " لا تتخذوا بيتي عيدا ، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا ، وصلوا علي حيث ما كنتم ; فإن صلاتكم تبلغني "
هذا مرسل ، وما استدل حسن في فتواه بطائل من الدلالة ، فمن وقف عند الحجرة المقدسة ذليلا مسلما ، مصليا على نبيه ، فيا طوبى له ، فقد أحسن الزيارة ، وأجمل في التذلل والحب ، وقد أتى بعبادة زائدة على من صلى عليه في أرضه أو في صلاته ; إذ الزائر له أجر الزيارة وأجر الصلاة عليه ، والمصلي عليه في سائر البلاد له أجر الصلاة فقط .
فمن صلى عليه واحدة صلى الله عليه عشرا ، ولكن من زاره - صلوات الله عليه - وأساء أدب الزيارة ، أو سجد للقبر أو فعل ما لا يشرع ، فهذا فعل حسنا وسيئا فيعلم برفق ، والله غفور رحيم ، فوالله ما يحصل الانزعاج لمسلم ، والصياح وتقبيل الجدران ، وكثرة البكاء ، إلا وهو محب لله ولرسوله ; فحبه المعيار والفارق بين أهل الجنة وأهل النار ، فزيارة قبره من أفضل القرب ، وشد الرحال إلى قبور الأنبياء والأولياء ، لئن سلمنا أنه غير مأذون فيه لعموم قوله صلوات الله عليه : فشد الرحال إلى نبينا [ ص: 485 ] - صلى الله عليه وسلم - مستلزم لشد الرحل إلى مسجده ، وذلك مشروع بلا نزاع ; إذ لا وصول إلى حجرته إلا بعد الدخول إلى مسجده ، فليبدأ بتحية المسجد ، ثم بتحية صاحب المسجد ، رزقنا الله وإياكم ذلك آمين . " ولا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد "
قال الزبير بن بكار : أم حسن بن حسن هذا هي خولة بنت فلان الفزارية ، وهي والدة إبراهيم وداود والقاسم أولاد محمد بن طلحة التيمي السجاد . قال : وكان الحسن ولي صدقة علي رضي الله عنه .
قال له الحجاج يوما وهو يسايره في موكبه بالمدينة : أدخل عمك عمر بن علي معك في صدقة علي ; فإنه عمك وبقية أهلك . فقال : لا أغير شرط علي . قال : إذا أدخله معك ، قال : فسار الحسن إلى ، فرحب به ووصله ، وكتب له كتابا إلى عبد الملك بن مروان الحجاج لا يجاوزه .
زائدة ، عن ، قال : حدثني عبد الملك بن عمير أبو مصعب أن كتب إلى عبد الملك بن مروان هشام بن إسماعيل متولي المدينة : بلغني أن الحسن بن الحسن يكاتب أهل العراق فاستحضره . قال : فجيء به فقال له علي بن الحسين : يا ابن عم ، قل كلمات الفرج : " لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ، ورب الأرض ورب العرش الكريم " قال : فخلي عنه . [ ص: 486 ]
ورويت من وجه آخر عن ، لكن قال : كتب عبد الملك بن عمير الوليد إلى عثمان المري : انظر الحسن بن الحسن ، فاجلده مائة ، ووقفه للناس يوما ، ولا أراني إلا قاتله . قال : فعلمه علي كلمات الكرب .
: سمعت فضيل بن مرزوق الحسن بن الحسن يقول لرجل من الرافضة : إن قتلك قربة إلى الله . فقال : إنك تمزح . فقال : والله ما هو مني بمزاح .
قال مصعب الزبيري كان يقول : سمعت فضيل بن مرزوق الحسن بن الحسن يقول لرجل من الرافضة : أحبونا ، فإن عصينا الله فأبغضونا ، فلو كان الله نافعا أحدا بقرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير طاعة لنفع أباه وأمه .
وروى ، قال : سمعت فضيل بن مرزوق الحسن يقول : دخل علي المغيرة بن سعيد - يعني الذي أحرق في الزندقة - فذكر من قرابتي وشبهي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكنت أشبه وأنا شاب برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم لعن أبا بكر وعمر ، فقلت : يا عدو الله ، أعندي ! ثم خنقته - والله - حتى دلع لسانه .
توفي الحسن بن الحسن سنة تسع وتسعين ، وقيل في سبع وتسعين . [ ص: 487 ]
وقيل : كانت شيعة العراق يمنون الحسن الإمارة مع أنه كان يبغضهم ديانة .
وله أخبار طويلة في تاريخ وكان يصلح للخلافة .
ابن عساكر