( ثم حليمة السعدية ) أرضعته
ثم أرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية ، وأخذته معها إلى أرضها ، فأقام معها في بني سعد نحو أربع سنين ، ثم ردته إلى أمه .
قال يحيى بن أبي زائدة : قال محمد بن إسحاق ، عن جهم بن أبي جهم ، عن عبد الله بن جعفر ، عن حليمة بنت الحارث أم رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدية ، قالت : خرجت في نسوة نلتمس الرضعاء بمكة على أتان لي قمراء ، قد أذمت بالركب ، وخرجنا في سنة شهباء لم تبق شيئا ، ومعنا شارف لنا ، والله إن تبض علينا بقطرة ، ومعي صبي لي لن ننام ليلنا مع بكائه ، فلما قدمنا مكة لم يبق منا امرأة إلا عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه ، وإنما كنا نرجو كرامة رضاعه من أبيه ، وكان يتيما ، فلم يبق من صواحبي امرأة إلا أخذت صبيا ، غيري . فقلت لزوجي : لأرجعن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه ، فأتيته فأخذته ، فقال زوجي : عسى الله أن يجعل فيه خيرا . قالت : فوالله ما هو إلا أن جعلته في حجري فأقبل عليه ثديي بما شاء من اللبن ، فشرب وشرب أخوه حتى رويا ، وقام زوجي إلى شارفنا من الليل ، فإذا بها حافل ، فحلب وشربنا حتى روينا ، فبتنا شباعا رواء ، وقد نام صبياننا ، قال أبوه : والله يا حليمة ما أراك إلا قد أصبت نسمة مباركة ، ثم خرجنا ، فوالله لخرجت [ ص: 51 ] أتاني أمام الركب قد قطعتهن حتى ما يتعلق بها أحد ، فقدمنا منازلنا من حاضر بني سعد بن بكر ، فقدمنا على أجدب أرض الله ، فوالذي نفسي بيده إن كانوا ليسرحون أغنامهم ويسرح راعي غنمي ، فتروح غنمي بطانا لبنا حفلا ، وتروح أغنامهم جياعا ، فيقولون لرعاتهم : ويلكم ألا تسرحون حيث يسرح راعي حليمة ؟ فيسرحون في الشعب الذي يسرح فيه راعينا ، فتروح أغنامهم جياعا ما بها من لبن ، وتروح غنمي لبنا حفلا .