ابن العريف
أحمد بن محمد بن موسى بن عطاء الله ، الإمام الزاهد العارف أبو العباس بن العريف الصنهاجي الأندلسي المريي المقرئ ، صاحب المقامات والإشارات .
صحب أبا علي بن سكرة الصدفي ، وأبا الحسن البرجي ومحمد بن الحسن اللمغاني ، وأبا الحسن بن شفيع المقرئ ، وخلف بن محمد العريبي [ ص: 112 ] وعبد القادر بن محمد الصدفي ، وأبا خالد المعتصم وأبا بكر بن الفصيح .
واختص بصحبة أبي بكر عبد الباقي بن محمد بن بريال ومحمد بن يحيى بن الفراء ، وبأبي عمر أحمد بن مروان بن اليمنالش الزاهد . قاله ابن مسدي .
وقال ابن بشكوال روى عن أبي خالد يزيد مولى المعتصم ، وأبي بكر عمر بن رزق ، وعبد القادر بن محمد القروي ، وخلف بن محمد بن العربي وسمع من جماعة من شيوخنا ، وكانت عنده مشاركة في أشياء من العلم ، وعناية بالقراءات وجمع الروايات ، واهتمام بطرقها وحملتها ، وقد استجاز منى تأليفي هذا ، وكتبه عني ، واستجزته أنا -أيضا- فيما عنده ، ولم ألقه ، وكاتبني مرات ، وكان متناهيا في الفضل والدين ، منقطعا إلى الخير ، وكان العباد والزهاد يقصدونه ، ويألفونه ، ويحمدون صحبته ، وسعي به إلى السلطان ، فأمر بإشخاصه إلى حضرته بمراكش ، فوصلها ، وتوفي بها .
قلت في " تاريخي " : إن مولد ابن العريف في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ، ولا يصح .
وكان الناس قد ازدحموا عليه يسمعون كلامه ومواعظه ، فخاف ابن [ ص: 113 ] تاشفين سلطان الوقت من ظهوره ، وظن أنه من أنموذج ابن تومرت ، فيقال : إنه قتله سرا ، فسقاه -والله أعلم .
وقد قرأ بالروايات على اثنين من بقايا أصحاب أبي عمرو الداني ، ولبس الخرقة من أبي بكر عبد الباقي المذكور آخر أصحاب أبي عمر الطلمنكي وفاة .
قال ابن مسدي : ابن العريف ممن ضرب عليه الكمال رواق التعريف ، فأشرقت بأضرابه البلاد ، وشرقت به جماعة الحساد ، حتى لسعوا به إلى سلطان عصره ، وخوفوه من عاقبة أمره ، لاشتمال القلوب عليه ، وانضواء الغرباء إليه ، فغرب إلى مراكش ، فيقال : إنه سم : وتوفي شهيدا ، وكان لما احتمل إلى مراكش ، استوحش ، فغرق في البحر جميع مؤلفاته ، فلم يبق منها إلا ما كتب منها عنه . روى عنه أبو بكر بن الرزق الحافظ ، وأبو محمد بن ذي النون ، وأبو العباس الأندرشي ولبس منه الخرقة ، وصحب جدي الزاهد موسى بن مسدي ، ولعله آخر من بقي من أصحابه .
ثم قال : مولد ابن العريف في جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وأربعمائة .
[ ص: 114 ] قلت : هذا القول أشبه بالصحة مما تقدم ، فإن شيوخه عامتهم كانوا بعد الخمس مائة ، فلقيهم وعمره عشرون سنة .
ثم قال : وأقدم شيوخه سنا وإسنادا عبد الباقي بن محمد الحجاري الزاهد ، وكان عبد الباقي قد حمله أبوه وهو ابن عشر سنين إلى أبي عمر الطلمنكي ، فقرأ عليه القرآن ، وقد ذكرناه في سنة اثنتين وخمس مائة ، وأنه عاش ثمانيا وثمانين سنة .
قال : وتوفي أبو العباس بن العريف بمراكش ليلة الجمعة الثالث والعشرين من رمضان سنة ست وثلاثين وخمس مائة .
وأما ابن بشكوال ، فقال في صفر ، بدل رمضان -فالله أعلم .
ثم قال ابن بشكوال : واحتفل الناس بجنازته ، وندم السلطان على ما كان منه في جانبه ، فظهرت له كرامات -رحمه الله .