المستعلي بالله
صاحب مصر أبو القاسم أحمد بن المستنصر معد بن الظاهر علي بن الحاكم منصور بن العزيز بن المعز ، العبيدي المهدوي المصري .
قام بعد أبيه سنة سبع وثمانين ، وله إحدى وعشرون سنة .
وفي أيامه وهت الدولة العبيدية ، واختلت قواعدها ، وانقطعت الدعوة لهم من أكثر مدائن الشام ، واستولى عليها الفرنج وغيرهم من الغز .
فأخذت الفرنج أنطاكية من المسلمين في سنة إحدى وتسعين ، وكان لها في يد المسلمين نحو عشرين سنة ، وأخذوا بيت المقدس واستباحوه ، وأخذوا -أيضا- المعرة في سنة اثنتين وتسعين ، ثم استولوا على مدائن وقلاع .
وما كان للمستعلي مع أمير الجيوش حل ولا ربط .
[ ص: 197 ] وهرب في دولته أخوه نزار المنسوب إليه الدعوة النزارية الإسماعيلية بالألموت وبقلاع الإسماعيلية ، فوصل نزار إلى الإسكندرية ، وقام بأمره الأمير أفتكين ، وقاضي البلد ابن عمار ، وبايعوه ، وأقام سنة ، فأقبل الأفضل أمير الجيوش في سنة ثمان [ وثمانين ] وحاصرهم ، فبرز إليه أفتكين ، فبيته وهزمه ، ثم أقبل ونازلهم ثانيا ، وافتتح البلد عنوة ، فقتل القاضي وجماعة ، وقبض على نزار وأفتكين ، ثم ذبح أفتكين ، وبنى المستعلي على أخيه نزار حائطا ، فهلك .
وفي دولته كثرت الباطنة الملاحدة الذين هم الإسماعيلية ، وأخذوا القفول وتملكوا قلعة أصبهان ، وفتكوا بعدد كثير من الكبار والعلماء ، وشرعوا في شغل السكين ، وجرت لهم خطوب وعجائب .
وفي سابع عشر صفر سنة خمس وتسعين وأربعمائة مات المستعلي ، وأقاموا ولده الآمر بأحكام الله منصورا ، وله خمس سنين ، وأزمة الملك إلى الأفضل أمير الجيوش ، ويقال : إنه سم وقتل سرا . .