القاضي الخياط
الإمام المحدث الحافظ ، القاضي الورع أبو عبد الله ، محمد بن علي المروزي ، أحد السادات والأولياء .
عرف بالخياط لأنه كان يخيط على الأيتام والمساكين حسبة . ولد سنة بضع وثلاثين ومائتين .
وسمع علي بن خشرم ، ومحمود بن آدم ، وأحمد بن سيار الحافظ ، وخلقا سواهم . ثم سئل الرواية ، فما كان يحدث إلا باليسير في المذاكرة .
ولي قضاء القضاة بنيسابور في سنة ثمان وثلاثمائة ، إلى أن استعفى سنة إحدى عشرة ، ورد خريطة الحكم إلى الرئيس أبي الفضل البلعمي ، فما شرب لأحد ماء ، ولا ظفر له بزلة . وكان لا يدع سماع الحديث أيام قضائه ، ويحضر مجلس . أبي العباس السراج
بالغ في تعظيمه وقال : سمعت الحاكم أبا الوليد الفقيه يقول : مررت أنا وأبو الحسن الصباغ على مسجد رجاء ، والقاضي الخياط [ ص: 565 ] جالس ، وكاتبه بحذائه ، فقلنا : نحتسب ونتقدم إليه ، ويدعي أحدنا على الآخر ، فادعيت أني سمعت في كتاب هذا وليس يعيرني سماعي ، فسكت ساعة ثم قال : بإذنك سمع في كتابك؟ قال : نعم . قال : فأعره سماعه .
وقال : سمعت أبي يقول : كان الحاكم القاضي محمد بن علي المروزي طول أيامه يسكن دار ابن حمدون بحذاء دارنا ، وكنت أعرفه يخيط -بالليل ، وإذا تفرغ بالنهار- للأيتام والضعفاء ، ويعدها صدقة .
سمعت محمد بن عبدان خادم الجامع يقول : كان محمد بن علي الحاكم يجيء في كل أسبوع ليلة إلى الجامع ، فيتعبد إلى الصباح من حيث لا يعرف غيري ، فصادفته ليلة يتلو : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " الآيات ، وكلما تلا آية منها ضرب بيده على صدره ضربة أسمع صوتها من شدته ، رحمه الله تعالى .
توفي بعد العشرين وثلاثمائة وله بضع وثمانون سنة .