واعظ بلخ
الإمام الكبير الزاهد ، العلامة ، شيخ الإسلام أبو عبد الله ، [ ص: 524 ] محمد بن الفضل بن العباس البلخي الواعظ ، نزيل سمرقند وتلك الديار .
صحب أحمد بن خضرويه البلخي ، وكان آخر من حدث في الدنيا عن قتيبة بن سعيد .
قال السلمي حدثنا علي بن القاسم الخطابي الواعظ بمرو حدثنا محمد بن الفضل البلخي الصوفي بسمرقند ، حدثنا قتيبة بن سعيد . فذكر حديثا .
قال السلمي : سمعت محمد بن علي الحيري يقول : سمعت أبا عثمان الحيري يقول : لو وجدت من نفسي قوة لرحلت إلى أخي محمد بن الفضل ، فأستروح برؤيته .
وقد روى عن هذا الشيخ البلخي أبو بكر محمد بن عبد الله الرازي ، وروى عنه في " معجمه " بالإجازة . أبو بكر بن المقرئ ،
ومن مشايخه أبو بشر محمد بن مهدي - صاحب ابن السماك الواعظ ، وقد حدث عنه أيضا ، إسماعيل بن نجيد ، وإبراهيم بن محمد [ ص: 525 ] بن عمرويه ، ومحمد بن مكي النيسابوري ، وعبيد الله بن محمد الصيدلاني البلخي - شيخ لقيه أبو ذر الهروي .
قال سمع الكثير من أبو نعيم الحافظ قتيبة بن سعيد . وسمعت محمد بن عبد الله الرازي بنسا أنه سمعه يقول : ذهاب الإسلام من أربعة : لا يعملون بما يعلمون ، ويعملون بما لا يعلمون ، ولا يتعلمون ما لا يعلمون ، ويمنعون الناس من العلم .
قلت : هذه نعوت رءوس العرب والترك ، وخلق من جهلة العامة ، فلو عملوا بيسير ما عرفوا ، لأفلحوا ، ولو وقفوا عن العمل بالبدع لوفقوا ، ولو فتشوا عن دينهم وسألوا أهل الذكر -لا أهل الحيل والمكر- لسعدوا ، بل يعرضون عن التعلم تيها وكسلا ، فواحدة من هذه الخلال مردية ، فكيف بها إذا اجتمعت؟! فما ظنك إذا انضم إليها كبر ، وفجور ، وإجرام ، وتجهرم على الله؟! نسأل الله العافية .
قال السلمي في " محن الصوفية " : لما تكلم محمد بن الفضل ببلخ في فهم القرآن وأحوال الأئمة ، أنكر عليه فقهاء بلخ ، وقالوا : مبتدع . وإنما ذاك بسبب اعتقاده مذهب أهل الحديث ، فقال : لا أخرج حتى تخرجوني ، وتطوفوا بي في الأسواق . ففعلوا به ذلك ، فقال : نزع الله من قلوبكم محبته ومعرفته . فقيل : لم يخرج منها صوفي من أهلها . فأتى سمرقند ، فبالغوا في إكرامه ، وقيل : إنه وعظ يوما ، فمات في المجلس أربعة أنفس .
مات سنة سبع عشرة وثلاثمائة أرخه السلمي ، وعبد الرحمن بن [ ص: 526 ] منده ، ووهم من قال : سنة تسع عشرة .